قال فضيلة الشيخ زيد بن محمد المدخلي حفظه الله :
اجتهد في الذكر على العموم في عشر ذي الحجة وهي الأيام المعلومات وفي أيام التشريق وهي الأيام المعدودات ومن جملة الذكر الذي تسن العناية به : التكبير ، لأن فيه تعظيما لله وإجلالا له واعترافا بإحاطته بجميع مخلوقاته في أرضه وسمواته فهو أكبر من كل شيء سبحانه .
وقد جاء الترغيب في التقرب في العمل الصالح في الأيام العشر ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله عزوجل من هذه الأيام ـ يعني : أيام العشر ـ قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع بشيء من ذلك ".
وعند أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ".
وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : (( ويذكروا اسم الله في أيام معلومات )) : هي أيام العشر .
وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها رواه البخاري . وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه .
ومثلها في الفضل ومشروعية الذكر والتكبير : أيام التشريق ، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم :" إنها أيام أكل وشرب وذكر لله عزوجل " ولما كانت كلها من مواسم الخير وأسواق التجارة الرابحة فقد أمر الله بذكره وشكره فيها ، والتقرب إليه بصالح العمل الذي يقرب العباد إلى الله زلفى كما قال عزوجل ( وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون )) [ سورة سبأ : 37 ] . وانطلاقا من تلك النصوص الواردة في فضل الأيام العشر وأيام التشريق قال الشيخ زيد حفظه الله :
اجتهد في التقرب إلى الله بما يرضيه من قول وفعل وعمل ومعتقد ودع عنك الكسل فإنه حرمان لاسيما الكسل في مواسم الخير وأوقات نفحات الرّب الكريم كهذه الأيام العشر وأيام التشريق وأيام رمضان وليالي العشر منها وليلة القدر فيها ، فما أشد حاجتنا إلى ما ترفع به درجاتنا وتكفر به سيئاتنا وتثقل به موازيننا إن كنا لأنفسنا من الناصحين ولها محبين ومكرمين ومن لقاء الله خاءفين وجلين .
مشروعية التكبير في عشر ذي الحجة ويومي العيد وأيام التشريق
قسّم الفقهاء التكبير من حيث الأداء إلى مطلق ومقيد :
فأما المطلق : فيبدأ من عشر ذي الحجة ويتأكد من ابتداء ليلتي العيدين ومن الخروج إليهما إلى فراغ الخطبة فيهما فإذا انتهت الخطبة يقطع التكبير المطلق لانتهاء وقته .
وأما المقيد: فهو ما كان عقب الفرائض يبدأ به المُحل من فجر يوم عرفة والمُحرم من ظهر يوم النحر وينتهي التكبير إلى عصر آخر أيام التشريق وهي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة .
وللعلماء اختلاف كثير في محله وفي ابتدائه وانتهائه ذكره الإمام الشوكاني في النيل ( ج 3 ص 358 ) فليراجعه من شاء.
قال الحافظ في الفتح : وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود : "أنه من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام منى" . أخرجه ابن المنذر وغيره وبهذا أخذ الشافعي وأحمد وأبو يوسف وهو مذهب عمر بن الخطاب وابن عباس .
ثم إن التكبير أيام التشريق يستحب في أي وقت من الأوقات من ليل أونهار عقب الفرائض وغيرها .
قال البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ :" وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل السوق حتى ترتج منى تكبيرا " وكان ابن عمر كذلك يكبر بمنى في تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا وكانت ميمونة تكبر يوم النحر .
صيغة التكبير
أما صيغة التكبير فالذي يظهر من الآثار أن الأمر فيها موسع .
قال الإمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ :" وأما صفة التكبير فأصح ما ورد فيها ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال : كبروا : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيرا .
وقيل : يكبر ثلاثا ، ويزيد لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
وقيل : يكبر ثنتين ، بعدها لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد .
جاء ذلك عن عمر وابن مسعود وبه قال أحمد وإسحاق .
المصدر :
شبكة سحاب السلفية
الأفنان الندية شرح منظومة السّبل السّوية لفقه السّنن المرويّة
(ج 2 ص 317) .
لفضيلة الشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي حفظه الله