كيفية إستعمال المرء لسانه في التواصي بالحق وجمع القلوب والدعوة إلى الأخوة بين المسلمين

مشرف عام مميّز تاريخ التسجيل : 22/09/2009

كيفية إستعمال المرء لسانه في التواصي بالحق وجمع القلوب والدعوة إلى الأخوة بين المسلمين
بسم الله
الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله
ورسله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ؛
وبعد :
إن المسلم حين يتأمل كتاب الله يجد الأوامر
والنواهي والآداب والأخلاق الكريمة ،فتجد في كتاب الله أمرين ؛ أولاً بين
الأمرين متناقضين :
الأول / قول الله جل وعلا : { وَقُلْ
لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ
بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا }(سورة الإسراء : الآية 53) ، فأمرنا الله ان نخاطب الناس بالتي هي أحسن { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
} وبين سره ان الشيطان ينزغ من الكلام السيء ويفسد علاقتهم بعظهم البعض ،
ويوقظ نار العداوة والبغضاء والقطيعة بين أفراد المجتمع ، ولهذا قال الله
.. { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا }(سورة البقرة: الآية 83)
، فأمرنا أن نخاطب الناس بلحسنا ، وأن نقول قول الحسن ، القول الرفيق ،
القول المملوء بالخير ، القول الذي يستجذب القلوب ويصيغ الأسماع ، القول
الذي ينتفع به ونبتعد عن القول الضال ، فلا خير في قول لا ينفع .
فنمر في القول الثاني : ثناء الله على عباده المؤمنين بإعراض عن اللغو ، فقال : { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ }(سورة المؤمنون : الآية 3)، فلما أمر بحسن القول ، أمر بالإعراض عن اللغو ، فقال في الثناء على عباده المؤمنين الموعودون بالفلاح ، قال : { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ }(سورة المؤمنون :الآية 3) قال : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ 1 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ 2 وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ 3 }(سورة المؤمنون : الآية 1 2 3)،
فقد فاز وأفلح المأمن الذي هو عن اللغو معرض ، لا يدخل في اللغو ، لا
يقوله ولا يتفوه به ولا يقع في المجاز في اللغو الباطل والكلام الباطل ،
وقال جل وعلا : { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا }(سورة الفرقان : الآية 63)،
فلم يخوضوا مع الجاهلين ولا مع من سفه من يقول سلام ، إعراضاً منهم عن
اللغو ، لم يردوا عليهم بمثل السيئة ، وإنما أجابوهم بأنهم سلام أي لا ندخ
معكم في باطلكم ، وقال جل وعلا : { وَإِذَا
سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا
وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ }(سورة القصص : الآية 55)
، لأن الجاهل لا يجلس يسمع له حيث لا يستند منك ، فبجهله إنغلق عن قبول
الحق ، ولجهله تكلم بالباطل ، فهو لا يريد حق يسمعه وإنما يريد إنجدام عن
الباطل و عرضاً للباطل وإلا لو كان مقام مقام إنجدال ومقام إحقاق حق وإقفال
الباطل ، فعلى المسلم أن يجادل بالحق { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }(سورة العنكبوت : الآية 46)،
وجادل بالحسنى وحسن القول ، لكن من لم تأثر فيه المجادلة وإن لم يصغي
إليها ، وإنما يريد الإجاز في الباطل والإستمرار في الباطل والدعاء إلى
الباطل ، فهذا يعرض عنه وعن مجالسه ولا يصغى إليه ، ليعلم حقاً أنما هو
عليه باطل ، فعسى أن يأنبه ضميره ويخجل من مواقفه السيئة ، ولذا قال الله
جل وعلا في الكفار : { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }(سورة سبأ: الآية 24)، أنظر { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }.. فريق منا على هداً وفريق على ضلال وقال الخليل عليه السلام : { فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }(سورة الأنعام: الآية 81) وقال الله : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ }(سورة الأنعام: الآية 82)
، ومن أعظم اللغو وأشره الكذب والإشاعات الباطلة والأراجيف مما يروجه
الإعلام الحاضر ممثلاً في الإنترنت وتويتر وأمثال ذلك ، هذه المواقع
الإلكترونية السيئة التي يعدها من لا يظهر .. إعلاناً لأنه لا حياء عنده ،
والنبي يقول : ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فافعل ما شئت )(1)
، فمن لم يستحي من الله ثم من خلق الله يتكلم يكذب ويفتري وينشر إلى الناس
ما لم يقولوه ، يفتري عليهم الكذب والباطل يفتري عليهم الأكاذيب والتهم
يرميهم يرميهم بالعضائل من ما هم برئاء منه ، يروج الباطل ويدعوا إلى الكذب
، وهذه حالة كثير من هذه المواقع كلها مليئة بالكذب والباطل ، وواجب
المسلم أن يعرض عنها ولا يصغي إليها وإن أصغى وإن سمعها فلا يصدقها ولا
يبني عليها بنيان لأنها لا يأخذ على أصول ثابتة هي كلها كذب وافتراء وقول
بلا علم ، فيجب على المسلم أن يبتعد عنها كل البعد وأن يكون على حدر منها
وأن لا يحرم نفسه الإذن بأن يصدقهم بالناس فينتهك عرض الآخرين بناءً على ما
سمع وشأن بها مواقع التي يعلم الله أن كثير كذباً وإفتراء وباطلا .
-------------------------------------------------
(1) تخريج
السيوطي : (ابن عساكر في تاريخه) عن أبي مسعود البدري و رواه البخاري في
صحيحه و تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم : 2 في صحيح الجامع
-------------------------------------------------
المقال من لقاء فتاوى على الهواء 26 4 1433هـ
http://majalis-aldik.../play-5759.html

» [فوائد مستخلصة] سر سعادة المرء في لسانه
» فضائل ( لا إله إلا الله ) والدعوة إلى التوحيد ....
» " حكم الأناشيد الإسلامية والدعوة بها " للشيخ محمد علي فركوس pdf
» فوائد قيمة في طريقة النصح والدعوة من كلام العلامة ابن القيم رحمه الله - فلا تفرط فيها
» هل يجوز أن يتكلم المرء مع خطيبته في الجوال؟