فائدة نحوية من قوله صلى الله عليه و سلم : "من يقم ليلة القدر إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"
الحمد لله و صلى الله و سلم على رسول الله و على آله و صحبه و من اتبع هداه.
أما بعد، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من يقم ليلة القدر، إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه".
و لمسلم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال : "من يقم ليلة القدر فيوافقها -أراه قال- إيمانا واحتسابا، غفر له".
فمن الفوائد النحوية المستنبطة من الحديث : أن "مَنْ" اسم شرط جازم، جزم فعلين أولهما فعل الشرط : "يَقُمْ"، و ثانيهما جوابه و جزاؤه : "غُفِرَ". ففيه جواز كون فعل الشرط مضارعا و جوابه ماضيا.
و منه نقول أن فعل الشرط مع جوابه لهما أربعة أحوال :
الحالة الأولى : أن يكونا ماضيين : نحو قوله تعالى {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} [الإسراء 7] و قوله تعالى {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} [الإسراء 8].
الحالة الثانية : أن يكونا مضارعين : نحو قوله تعالى {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة 284]، و قوله تعالى {إِن يَّشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَ يَأْتِ بِآخَرِينَ}[النساء 133].
الحالة الثالثة : أن يكون فعل الشرط ماضيا و جوابه مضارعا : نحو قوله تعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ وَ زِينَتَهَا نَوَّفِ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} [هود 15].
الحالة الرابعة : أن يكون الفعل مضارعا و الجواب ماضيا، و هذا قليل، و مثاله حديثنا السابق، و قوله تعالى {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء 8] و ما رواه ابن حبان في صحيحه عن عائشة، قالت : لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه جاءه بلال يؤذنه بالصلاة، فقال : "مروا أبا بكر فليصل بالناس" قلنا : يا رسول الله، إن أبا بكر رجل[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أسيف ومتى يَقُمْ مقامك يَبْكِ...". و لمزيد فائدة راجع :
_ شرح ألفية ابن مالك لابن عقيل (4/25).
_ شرح الأشموني للألفية المسمى : منهج السالك إلى ألفية ابن مالك (3/585).
_ شرح ابن طولون على الألفية (2/236).
_ شرح ابن الناظم (272). و غيرها.
كما لا يفوتني شكر شيخي الحبيب محمد مزيان حفظه الله و سدده؛ فإنه أول من أفادني بهذه الفائدة من خلال دروسه في التعليق على التحفة السنية، فجزاه الله خيرا.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه.