أولا : تعريف النثــــر
يعرف النثر الأدبي بتعريفات متعددة إلا أن أوضحها التعريف التالي :
التعبير عن الأفكار والعواطف والانفعالات بكلام جميل لا يتقيد بالوزن ولا القافية . فهو كلام يعبر عما يجيش في نفس الإنسان من أفكار وخواطر ومشاعروانفعالات , وهذا الكلام يستخدم لغة أدبية ويستخدم الخيال الذي يولد الصورة الفنية الرائعة التي تعبر عما يجول في فكر الإنسان , إلا أن هذا الكلام لا يكون له وزن ولا قافية مثل الشعر .
ومن هنا نستطيع أن نتبين جوانب الاتفاق والاختلاف بين الشعر والنثر حيث نستطيع أن نجملها في العناصر التالية
ثانياً : الجوانب التي يتفق فيها الشعر مع النثر .
يتفق الشعر مع النثر في الجوانب التالية :
1 - أن كلاً منهما تعبير عن الأفكار والمشاعر .
2 - أن كلاً منهما يستخدم اللغة بعناية فائقة .
3 - أن كلاً منهما يستخدم الخيال والصورة الفنية لتوضيح المعنى وتزيينه .
ثالثاً : الجوانب التي يختلف فيها النثر عن الشعر .
يفترق الشعر والنثر في الجوانب التالية :
1 - أن النثر لا يتقيد بالأوزان والقوافي .
2 - النثر أكثر قدرة من الشعر على عرض الأفكار والإقناع بالرأي .
3 - النثر أكثر قدرة على الجمع بين الفكرة والعاطفة بتوازن دقيق جداً .
رابعاً : أنواع النثر
يتشكل النثر على أنواع متعددة , تختلف هذه الأنواع من زمن إلى آخر حيث تكون أنواع في زمن ومن ثم تنقرض هذه الأنواع أو بعضها وتأتي أنواع أخرى لم تكن موجودة في الزمن السابق . وعلى الرغم من ذلك إلا أن هذه الأنواع في العموم تنحصر في أربعة أنواع هــــــــي : [size=19]المقالة - الخطابة - القصة - المسرحية [/size]
وكل نوع من هذه الأنواع الأربعة يعتبر فناً مستقلاً بذاته له أصوله وقواعده وتقسيماته الكثيرة جداً
1-الـمـقــــال :
المقال فن نثري يعرض الكاتب فيه قضية أو فكرة ما بطريقة منظمة ومشوقة . وهو محدود الحجم لا يتجاوز في أقصى حالاته بضع صفحات , لذلك لا يتوسع الكاتب في الموضوع الذي يعرضه , إنما يقتصر على قضية أو فكرة محدودة .
وليس للمقال موضوع معين فللكاتب أن يعرض فيه أي موضوع سواء كان ديني أو اجتماعي أوسياسي أو تاريخي أو نقدي أو غير ذلك من الموضوعات التي تتصل بمجالات الحياة المختلفة .
أقسام المقال : يقسم النقاد المقال إلى قسمين هما : المقال الذاتي - المقال الموضوعي
أ ) المقال الذاتي :
هو المقال الذي تظهر فيه شخصية الكاتب بشكل قوي من خلال عرض القضايا ممزوجة بمشاعره , أو عرض الكاتب لقضاياه الشخصية . ويستخدم الكاتب في المقال الاسلوب الأدبي المعروف , حيث يعتمد على اللغة الرفيعة والصورالخيالية المعبرة والإيقاع المؤثر .
ويشبه المقال الذاتي الشعر الغنائي في تعبيره عن انفعالات الأديب وعواطفه دون أن يلتزم بالأوزان والقوافي الخاصة بالشعر . وقد يستخدم بعض الكتاب المحسنات البديعية كالجناس والطباق والشجع والمقابلة ولكن دون تكلف وكلما كان الكاتب منساقاً مع طبيعته بعيداً عن التصنع نجح في توصيل موضوعه إلى القراء .
ب) المقال الموضوعي :
وهو المقال الذي يبعد فيه الكاتب عواطفه وقضاياه الشخصية ويقدم الحقائق كما هي دون أن تتدخل ميوله الشخصية في تقديم تلك الحقائق .
ويستخدم الكاتب في المقال الموضوعي الأسلوب العلمي فيجمع مادته ــ وهي في الغالب من العلوم الطبيعية أو الإنسانية ــ ويرتبها ويعرضها بصورة منظمة متسلسلة وبعبارات واضحة بسيطة بعيدة عن الإيهام أو الاختلاف في التأويل , ولا يهتم بالصور الخيالية أو الإيقاع للألفاظ والعبارات . وكل ما يعنيه أن يوصل حقائق الموضوع الذي يكتب عنه إلى القارئ بسهولة .
ويجب التنبيه إلى أن المقال الموضوعي إذا خلا من جمال العرض ينقلب إلى حشد من المعلومات الجافة , ومكن أجل تلافي هذا العيب يحرص كتاب المقال الموضوعي على حسن الصياغة وجودة الأداء بالإضافة إلى سلامة العبارة وصحة التركيب .
ــ أجزاء المقال الذاتي والموضوعي .
يقسم الأدباء المقال سواء كان ذاتياً أو موضوعياً إلى ثلاثة أجزاء وهي :
أ ) المقدمة - ب) العرض - ج) الخاتمة .
أ ) المقدمـــــة :
هي المدخل التمهيدي للأفكار التي سيعرضها الكاتب في المقال ويشترط في مقدمة المقال أن تكون مناسبة لموضوع المقال ومشوقة وتهيء القارئ للموضوع ..
ب) العــــرض :
هو الأسلوب الذي يقدم فيه الكاتب قضيته التي يريد أن يعرضها. ويشترط فيه أن يكون مرتباً وأن تكون فقراته متسلسلة ومتناسقة وأن يكون أسلوبه واضحاً وجميلاً
ج) الخاتمـــــة :
وهي التي يلخص الكاتب فيها موضوعه أو يعرض فيها النتائج التي توصل إليها وينبغي أن تكون مركزة وواضحة
2-الخطابة :
1 [size=19]ـــ تعريف الخطابة[/size]
تعرف الخطابة بتعاريف كثيرة .... إلا أن أوضحها وأقربها هو التعريف التالي : فن مخاطبة الجمهور , والتأثير فيه , واستمالته ..
2 ــ عناصر الخطابة :
للخطابة عدد من العناصر الرئيسة يمكن إجمالها فيما يلي :
أ) المقدمــــة :
وهي أول ما يواجه الخطيب به الجمهور , لذا ينبغي أن تكون المقدمة مثيرة للانتباه بأسلوبها ومضمونها وأن تكون مدخلاً مناسباً للقضية التي سيطرحها .
ب) الموضـــوع :
وهو القضية التي تعرضها الخطبة , لذا ينبغي أن يحسن الخطيب ترتيبه , فيتدرج من الجزئيات إلى الكليات , ومن الأمور المعروفة إلى الأمور الجديدة التي يريد أن يقنع الجمهور بها , ويبسط الفكرة ويشرحها .
ج) البراهـــــــين :
وهي الحجج التي تؤيد القضية التي يريد الخطيب طرحها وهي التي تجعل الجمهور يقتنع بها , وقد تكون شواهد من القرآن الكريم والحديث الشريف أو الشعر أو الأقوال المأثورة , وقد تكون حججاً منطقية تكشف الحقائق وتفند آراء الخصوم .
د) الخاتمـــــة :
وهي آخر أجزاء الخطبة , يجمع فيها الخطيب النتائج التي يريد أن يقنع الجمهور , لذا ينبغي أن أن تكون موجزة ومؤثرة .
كيف تكون الخطبة مؤثرة ؟ تكون الخطبة مؤثرة إذا توفر فيها ما يلي :
ــ العاطفة القوية ــ الألفاظ الملائمة ــ العبارات المتناسقة ــ الصور الخيالية . ــ الإيقاع الصوتي . ــ أن يراعي الخطيب أحوال المستمعين ومستوياتهم الثقافية . ــ أن يتجنب الخطيب التكلف والتصنع .
4 ــ أنواع الخطابة :
تتعدد أنواع الخطابة بتعدد المواضيع التي تعالجها , فإن كان الموضوع الذي تعالجه من أمورالدين سميت خطبة دينية , وإن كان من أمور السياسة سميت خطبة سياسية , وإن كان من أمور الاقتصاد سميت الخطبة اقتصادية , وإن كان من قضايا المجتمع سميت الخطبة اجتماعية وهكذا ..
** القصة :
يعتبر فن القصة من الفنون العربية المتجذرة في الأدب العربي القديم ولكن ليس بمفهومها الحديث .وممن اشتهر بها: ابن المقفع (كليلة ودمنة) والجاحظ (البخلاء) وبديع الزمان الهمداني (المقامات) وأبو العلاء المعري (رسالة الغفران) وابن الطفيل (قصة حي بن يقضان) والحطيئة ( قصة كرم الضيافة) . وقد تطورت القصة كثيرا في العصر الحديث حتى وصلت الى العالمية فقد انتقلت الينا عن طريق الغرب ومن اشهر القصاصين : طه حسين ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ومحمود تيمور عملاق القصة القصيرة .
تتنوع القصة باعتبار موضوعاتها إلى أشكال وألوان منها: اللون الاجتماعي والسياسي والتاريخي والديني والفلسفي والنفسي...
أما باعتبار حجمها واتساعها فهي على النحو التالي:
سكاتش )عدد الكلمات أقل من 500 كلمة )، أقصوصة )مابين 500 و 1000 كلمة(، قصة قصيرة )ما بين 1000 و1500كلمة(، رواية )أكثر من 1500 كلمة ).
وللقصة مقومات فنية هي:
1- الموضوع : ولا بد أن يكون مستوحى من الواقع وإن تخيله الكاتب، كما ينبغي أن يكون لها مغزى.
2 - الحبكة الفنية : وتقوم على تصميم واضح مفعم بعناصر الجاذبية والتشویق، ولهذا العنصر ثلاث خطوات:
أ – المقدمة : وهي تمهيد لأحداث القصة.
ب - العقدة: وفيها تتأزم أحداث القصة حتى تصل إلى أقصى درجات التأزّم.
ج - الحل: وينبغي أن يكون منطقيا ومعقولا، وأفضل الحلول ما كان مفاجئا مثيرا للدهشة.
3- شخصيات القصة : ويجب أن يختارهم الكاتب بعناية، مع التعريف بملامحهم وعقلياتهم وعاداتهم..
-4 بيئة القصة (المكان والزمان): حيث يختارها القاص بعناية ويبين ملامحها ووعاداتها وتقاليد سكانها.
5 - أسلوب القصة : ويجب أن يكون واضح العبارة، متلائما مع بيئة القصة وشخصياتها، متلونا بتلون المواقف من سرد إلى وصف إلى حوار.
6- المغزى: لكل قصة مهما كان نوعها رسالة تسعى إلى تبليغها . والقصة الناجحة هي التي تسمح للقارئ باستخلاص المغرى بلا وعظ – إرشاد
** المسرحية :
هي الرواية الموضوعة لتمثَّل على المسرح أمام الجمهور ، تتألف من فصول ومشاهد هي بمثابة خطى تتقدم نحو الحل النهائي للأزمة، كما تحتوي المشاهد على العرض ثم العقدة ثم يأتي الحل .
أنواعها: تنقسم إلى نوعين:
1- مأساة: وهي عرض حادث مهم یجري عادة بين أشخاص ذوي مقامات عالية ويحمل على الهول أو الشفقة ويثير الدموع.
2 - ملهاة: وهي عرض حادث يحمل على الضحك، حيث تستمدّ صورتها العامة من الشذوذ الإنساني وتعرضه عرضا فكاهيا.
الأسلوب : يعتمد اللغة المركزة والواضحة والفكرة العميقة والإقناع بالحجة والشواهد والأمثلة والحكاية
*يتنوّع المقال بتنوع موضوعاته (سياسية- اجتماعية- نقدية - أدبية…(
-المقالة الأدبية تتبع الأسلوب الأدبي، والعلميّة تتبع الأسلوب العلمي المتأدب .
-عرف العرب ما يشبه المقالة وسموه (الرسالة )إلا أنها كانت طويلة كما في رسائل الجاحظ وابن المقفع وابن خلدون في مقدمته وعبد الحميد الكاتب وابن قتيبة ...
*-تطورت المقالة في العصر الحديث بسبب ظهور الصحافة والطباعة والحركة الإصلاحية الكبرى بداية من جمال الدين الأفغاني و مرورا بمصطفى كامل والابراهيمي وصولا إلى محمّد حسنين هيكل رائد المقالة المعاصرة .
لقد مرّ المقال بعدّة مراحل :
عصر الإحـــياء :كان المقال فيه ضعيفا في بداياته، يتناول غالبا مواضيـــع سياسـيـة ؛ و قد كان رفاعة الطهطاوي (1801 – 1873 م ) من الكتاب الأوائل الذين كان لهم الفضل في تخليص أسلوب النثـر من عيوب التكلف و تعقيداته والتي ورثها عن عصر الضعف.
بداية عصر النهضــة : ومع بداية عصر النهضــة ظهـرت الصحافة في الوطن العربي و تطورت و اتسعت ؛ و فتحت المجال أمام الكتاب ليطوروا أساليبهم ؛ فتخففوا من قيود الصنعة اللفظيـــــة ، وصار همهم هو تقديم الفكرة الواضحة ، بأسلوب سلسٍ مباشر خال من التكلف و التعقيد؛ بوسع العامــة من أبناء الشعب أن يفهموه ؛و هذا بتأثير دعوة جمال الدين الأفغاني و محمد عبده الإصلاحية.
و من أشهر كتاب المقال في العصر الحديث عبد الرحمان الكواكبي ، مصطفى صادق الرافعي، طه حسين ، محمد حسين هيكل، عباس محمود العقاد، و محمد البشير الإبراهيمي.
خصائصه:
المقالة السياسية: | المقالة الاجتماعية | المقالة الأدبية | المقالة النقدية |
- البعد عن التكلف 2- سهولة الألفاظ 3- وضوح الفكرة -4اثارة الحماسة -5 تغليب الفكرة 6- ذكر البراهين 7-الميل الى الخطابية لتحريك العواطف | -1وضوح الفكرة 2- تصوير المشكلة ومناقشتها في هدوء 3- ذكر أمثلة من التاريخ أو الواقع -4الاستشهاد بالقرآن والحديث. 5- البعد عن الأساليب الخطابية و الخيال المجنح والعاطفة الفياضة. | -1الاعتماد على الخيال والتصوير -2استخدام عبارات جزلة 3- الألفاظ مختارة موحية -4 التركيز على عمق الفكرة و وضوحها 5- سلامة اللغة وصحتها . 6- تدفق العاطفة | 1- الدقة العلمية 2- جمال الأسلوب 3-امتزاج الذاتية والموضوعية 4-الالتزام بالموضوع المنقود وحدوده وأبعاده |
من رواد المقالة الأدبية : طه حسين و العقاد و المازني وغيرهم.
من رواد المقالة السياسية : عبد الرحمان الكواكبي ، محمد البشير الإبراهيمي، لطفي السيد و عبد الله النديم .
من رواد المقالة الاجتماعية : قاسم أمين ، و عبد الحميد بن باديس و محمد البشير الإبراهيمي.
من رواد المقالة النقدية : محمد مندور ، غنيمي هلال ، شوقي ضيف و غيرهم كثيرون.