مقدمة في معنى الفصاحة والبلاغة
غرض كل فرد من الناس إذا تكلم أو كتب ، أن
يوصل ما يريده أن يتحدث عنه إلى السامع والقارىء وهذا الذي يريده
المتكلم قد يكون فكرة يريد من المرء أن يفهمها ، قد يكون شعوراً يريد
منه أن يحس به ،وقد يكون عاطفة يريد منه أن يشاركه التأثر بها ،وقد
يكون ذلك كله مجتمعاً في وحده متكامله . وتختلف قدرة الأفراد على
التعبير عما في نفوسهم بحسب إختلاف ظروفهم الثقافية والنفسية والصحية
والإجتماعية . وتختلف أيضاً أهداف الأفراد من الكلام ، أو الكتابة فإذا
أراد التكلم أن يوصل فكرة ما إلى السامع دون أي هدف فإنه يقول ما يريد
بصورة مباشرة وبكلمات لاغراض له منها سوى أداء المعنى ، وهذا هو الكلام
العادي الذي يتعامل به الناس في شؤون حياتهم اليومية في كل مجالات
الحياة ،سواء في البيت أم في المدرسة أم في الجامعة أم في الوظيفة أم
في المصنع وما إلى ذلك من مرافق الحياة . وإذا كان غرض الكلام ،أو
الكتابة توضيح الحقائق العلمية وشرحها فان ذلك يدعوا إلى استخدام
الإسلوب العلمي القائم على عرض الفكرة وتحليلها والتدليل عليها
والإقتناع بها بمثل ما عرفته من خصائص الإسلوب العلمي وموضوعاته وهناك
شروط لا بد أن تتوافرتتحقق لكي يتمكن الأديب من نقل أفكاره ألى الأخرين
باسلوب جميل مؤثر وهي شروط يسيره يتوصل إليه الأديب بطبعه قبل أن
يتعرفها في كتب النقد والبلاغه .فكل أدبي هو في الحقيقة مجموعة من
الكلمات يؤلف الأديب قيما بينهما لتصبح جملاً وعبارات وفقرات . وتتوالى
الفقرات لتؤلف موضوعاً أدبياً متكاملاً . قصة أو مقالاً أو بحثاً أو
خاطرة أوغير ذلك من فنون النثر أو بيتاً من الشعر أو قصيدة أو مسرحية
شعرية أو غير ذلك من فنون الشعر . وليس في اللغة من فنون الشعر . وليس
في اللغة كلمات غير أدبية أو كلمات للنثر وأخرى تصلح للشعر أما الكلمة
تظل وحدة لغوية صغيرة إلى أن يأخذها الأديب فيؤلف منها ومن غيرها
موضوعاً معيناً والسياق اللغوي هو الذي يحدد ما إذا كان الموضوع علمياً
أو أدبياً وما إذا كان الأديب موفقاً ومؤثراً في عمله الأدبي أم لا .
وتختص البلاغة بالبحث في طرائق تقديم المعنى ولها في ذلك فروع ثلاثة .
إذا كان البحث في طرائق
تقديم المعنى الواحد بصورة تعبيرية مختلفة فذلك هو علم البيان بما فيه
من تشبية واستعارة ومجاز وكناية
إذا كان البحث في احتمال
اللفظ الواحد أوالتركيب اللغوي الواحد لمعان متعددة فذلك هو علم
المعاني بما فيه من خبر وانشاء وأنواع كل منهما
إذا كان البحث في التركيب
الللغوي ووجوه تحسينه وتزيينه وزخرفته فذلك علم البديع
أولاً: علم البيان
التشبيه
معنى التشبيه وأركانه وقيمته في العمل :
يميل الإنسان بفطرته إلى التأكد من أن
السامع استوعب الفكره تماماً كما هي في نفسه ويرغب المتكلم أن يشعر بأن
السامع أدرك الصورة التي يريد أن ينقلها إليه مثلما أحس بها هو وشاهدها
ويشعر المرء بالارتياح والسعادة إذا استطاع أن ينقل إلى الآخرين ما
عنده من فكر وما مر به من تجربه
قد تشاهد وأنت في طريقك إلى المدرسه رجلاً
طويلاً ظاهر الطول أكثر مما اعتدت أن تراه أوتسمع عنه وتريد أن تنقل
دهشتك من هذا المنظر النادر إلى زملائك فما تقول لهم ؟
إذا قلت : رأيت في طريقي رجلاً طويلاً ،
كان كلامك لا أثر له لانهم يشاهدون مثل ذلك كل لحظه وللذا تبحث في قاع
الواقع المشاهد المحسوس عن شيء يضرب به الناس المثل في الطول أو عن
شيءلا ينكر الناس طوله فتجد النخله مثلاً فتقول لزملائك : رأيت رجلاً
طويلاً كالنخله عندئذ ترتفع الصورة في خيال زملائك إلى أعلى مما كانت
عليه ويتصورون رجلاً مفرطاً في الطول مثلما رأيت أنت
فماذا الذي فعلته أنت ؟
ربطت بين فكرة نظرية في نفسك وهي طول
الرجل الزائد عن المألوف وبين شيء معروف من واقع الحياة وهي النخلة
بأداة التشبيه وهي الكاف ولوال أن هناك علاقة بين الرجل والنخله في
التشابه أو المشابهه في الطول لما كان كلامك معقولاً ولا مقبولاً . إن
هذا الذي قمت به هو التشبيه
حيث شبهت الرجل الطويل بالنخله ، فالرجل
هو المشبه والنخله هي المشبه به والكاف أداة الربط بينهما : أي هي أداة
التشبيه والطول هو علاقة المشابهه بين الطرفين أي هو وجه الشبه بينهما
القاعدة
التشبيه هو :
الجمع بين شيئين بينهما علاقة المشابهه في صفة أو أكثر بقصد توضيح
المعنى منقل الإحساس به للآخرين
أركان التشبيه أربعه :
المشبه والشبه به وأداة التشبيه ووجه الشبه
أداة التشبيه تكون :
حرفاً كالكاف وكأن وتكون اسماًمثل : مثل وشبيه ومثيل ومثال وتكون فعلاً
مثل : يشبه ، ويماثل ، يحكي [/size]
التشبيه لون من ألوان التصوير وأسلوب من
أساليب التعبير الجمالي يتفاوت الأدباء في تقديمه والقراء في تذويقه كل
بحسب ثقافته وموهبته
التشبيه التمثيلي
الأمثله
قال تعالى : (إنها بشرر كالقصر كأنه
جمالات صفر ويل يومئذ للمكذبين ) صدق الله العظيم
شبه الله عز وجل شرارة جهنم بالقصر أو
الجمل الكبير والعلاقة بين المشبه والشبه به الكبر والضخامه وهذا تصوير
لهول النار التي ترمي بشرر كالقصور ... الجمال الصفر والجمال الصف نوع
تعرفه العرب ويعرفون القصور الكبيرة بالنسبه لخيامهم الصغيرة ولكن هل
تستطيع أن تضيف شيئاً جديداً على وجه الشبه غير الكبر والضخامه لا إذا
وجه الشبه هنا مفرد صفه واحدة جمعت بين شيئين وهذا التشبيه الذي يكون
فيه وجه الشبه مفرداً يسمى التشبيه العادي أو التشبيه المفرد
مثال : قال الشاعر
وكأن أجرام النجوم لوامعاً
.................... دررن نثرن على بساط أزرق
[size=21]المشبه في هذا الثال هو صورة سماء زرقاء
واسعه تناثرت عليها النجوم البيضاء والمشبه به هو صوره بساط أزرق كبير
تناثرت فوقه مجموعة من الدرر الفضيه اللامعه ووجه الشبه صوره منتزعة من
متعدد صورة شيء أزرق تخللته براقه متلألئة
القاعدة
التشبيه التمثيلي :
هو التشبيه الذي يكون وجه الشبه فيه صوره منتزعة منعدة أشياء
التشبيه المفرد ما كان وجه الشبه فيه
مفرداً وليس صور
الأمثله قال تعالى : (تبارك الذي جعل في السماء
بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً ) صدق الله العظيم
وقال تعالى (قال رب إني وهن العظم مني
واشتعل الرأس شيباً ) صدق الله العظيم
الشرح
أنظر في معنى الآية الكريمة الأولى تبارك
الله عزوجل الذي ججعل في السماء بروجاً كبيرة وشمساً مشرقة وساطعة
وقمراً منيراً ، ولكن نص الآيه الكريمة ليس فيها كلمة شمس وإنما فيه
وجعل فيها سراجاً ، وكأن العرب يعرفون أن السراج هو المصباح الساطع
الزاهر ، فكأن التعبير معناه وجعل فييها شمسا كالسراج الزاهر فالمشبه
به موجود في التعبير ، وجعل فيها سراجاً ، فأين المشبه ؟ إنه محذوف
إذاً فان في هذا التعبير استعاره لانه تشبيه حذف أحد طرفيه وبما أن
المشبه به مصرح به في العبارة فهي إذاً استعارة تصريحيه
ننتقل للمثال الثاني : في قوله تعالى (واشتعل
الأس شيباً ) وهو تعبير قرآني عجيب في تصوير انتشار الشيب في الرأس
وتعبير اشتعال الرأس تعبير مجازي لأن الأس لا يشتعل إنما شبه الرأس
بشيء يشتعل فأين المشبه ؟وأين المشبه به ؟ المشبه هو الرأس والمشبه به
محذوف ، ولكنا نستدل عليه بكلمه "يشتعل" إذاً فان هذا التعبير ذكر
المشبه وحذف المشبه به أو كنى عنه بشيء ولذلك تسمى هذه الإستعارة
بالإستعارة المكنية
الإستعارة
: هي تشبيه حذف أحد طرفيه وهي ثلاثة أنواع :_
تصريحية ومكنية وتمثيلية
الإستعارة التصريحية:
ما صرح فيها بلفظ المشبه به
الإستعارة المكنية :
ما لم يصرح فيها بلفظ المشبه به وإنما يكنى بشيء من لوازمه