سم الله الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على ءاله و صحبه و من تبع هداه و بعد: يقول الله تبارك و تعالى: {
الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ
مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ
الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ
إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا
بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ
مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[الأعراف:
157]، و لا شك أن الدخان من الخبائث وسأضرب لكم بعض الأمثلة التي تدل علي
خباثة الدخان، فمثلا نلاحظ أغلب المدخنين يدخنون في الحمامات و يرمون ما
بقي من السجارة في المراحيض، و لا تجد أحدا يسم الله إذا أراد شُرب
السجائر، و السجارة لها رائحة كريهة جدا يتقزز منها حتى المدخن نفسه عندما
يشربها غيره، و أحيانا عندما يكمل تدخينه يرمي ما بقي منها على الأرض و
يطأها بقدمه كي يطفأها، فهذا كله يدل دلالة عقلية على أن الدخان من الخبائث
و ليس من الطيبات.
و عن عبد الله بن عباس
رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و ءاله و سلم لا ضرر و لا
ضرار. صحيح الجامع للألباني، و لو نظرنا للدخان من حيث الضرر و الضرار فإن
الدخان جمع الإثنين معا الضرر و الضرار و إليك البيان:
فالضرر يقول أهل العلم
هو ما يُلحق به المرء نفسه من الأذى، و في الدخان ضرر على النفس من حيث
الصحة و المال فمن حيث الصحة الدخان يسبب أمراض كثيرة و من أبرزها مرض
السرطان عافاكم الله منه، فتجد حتى الشركات المصنعة للدخان يكتبون على علبة
السجائر التدخين ضار بالصحة و يسبب الوفاة، و هذه الكتابة منهم ليس نصحا
لك ولا خوفا من الله فلو كانوا يخشون الله أو يخافون على صحتك ما صنعوه
أصلا، ولكن يقومون بذلك كي يفلتوا من المساءلة القانونية إذا ما مات أحد
بسبب الدخان، و يسبب أيضا أمراض في الفم و الحلق و الرئتين، بل يسبب حتى
الضعف الجنسي للجنسين، و الرسول الكريم صلى الله عليه و ءاله و سلم يقول
تزوجوا الودود الولود ، فإني مكاثر بكم الأمم . صححه الألباني في صحيح
الترغيب و الترهيب عن معقل بن يسار المزني، هذا من ناحية الضرر الصحي، أما
من حيث ما يلحق الإنسان من ضرر مالي فواضح فالتدخين يباع بالمال و لا يعطى
بالمجان، و تخيل معي لو أن أحدا من الناس أخرج دينارا من جيبه و أضرم فيه
النار فماذا يقال عنه؟ الجواب سيقول من يشاهده أن هذا الرجل مجنون، فما
بالك إذا أضرمت في مالك النار و أضررت بصحتك في ءان واحد لا شك أن هذا أسوأ
من الذي يحرق ماله فقط، وكذلك المسلم مأمور بحفظ الضروريات الخمس و هي
الدين و النفس و العقل و العرض و المال، و التي من ضمنها حفظ المال و أما
من ناحة الإضرار و هو إلحاق الأذى بالغير فهو التدخين السلبي، فتجد المدخن
يشرب الدخان أمام الناس بل أمام إبنائه الرضع الصغار، و هذا هو ما يعرف عند
الأطباء بالتدخين السلبي، و يقولون هو أشد ضرر من التدخين المباشر، و كذلك
في التدخين شيء ءاخر ربما يغفل عنه الكثير و هو المجاهرة بالمعصية فلا
تكاد تجد مدخن يستتر بالتدخين في هذا الزمان إلا الشباب الصغار في السن، و
يحملهم على فعل ذلك هو الخوف من عقاب الآباء لهم لا الخروج من المجاهرة
بالمعصية، و الرسول يقول كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، و إن من الجهار أن
يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح و قد ستره الله تعالى فيقول : عملت البارحة
كذا و كذا ، و قد بات يستره ربه ، و يصبح يكشف ستر الله عنه. صحيح الجامع
للألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه.
و
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و
سلم من أكل من هذه الشجرة . قال : أول يوم (
الثوم ) ثم قال : الثوم
والبصل ، والكراث ، فلا يقربنا في مساجدنا . فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى
منه الإنس. صحيح النسائي للألباني، فهذه أشياء حلال و مع ذلك نهى الرسول
صلى الله عليه و ءاله و سلم عن أكلها لمن يأتي للمساجد بسبب الرائحة
المنتنة التي تخرج منها، فما بالك بالدخان الخبيث في رائحته و الحرام في
حكمه.
و
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ثم إنكم ، أيها الناس ! تأكلون شجرتين
لا أراهما إلا خبيثتين . هذا البصل والثوم . لقد رأيت رسول الله صلى الله
عليه سلم ، إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد ، أمر به فأخرج إلى البقيع .
فمن أكلهما فليمتهما طبخا . رواه مسلم، علق الشيخ الألباني على هذا الحديث
فقال هذا الرجل الذي أكل ثوما أو بصلا أخذه النبي إلى القبور أي أنه لا
يصلح أن يعيش مع الأحياء، فالذي يشرب الدخان لو كان في عهد النبي صلى الله
عليه و ءاله و سلم لأمر بالذهاب بيه إلى المريخ.
هذا ما تيسر لي في هذا الموضوع، و صلى الله على محمد و على آله و صحبه و سلم.
كتبه أبو العرباض عطية الشيخي
الاثنين 25/رمضان/1433هـ
الموافق لــ13/أغسطس/2012