بسم الله
والحمد لله والصلاةُ والسلامُ على رسول الله
أمّابعد:
عن ابن عباس- رضى الله عنهما- قال: أن- رسول الله صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قال :
((البركة مع أكابركم )) (الصحيحة /1778)
وقال -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- : ((إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر)).(الصحيحة/695)
وعن ابن مسعود- رضي الله عنه-:
(( لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم , وعن أمنائهم وعلماؤهم , فإذا أخذوا من صغارهم وشرارهم هلكوا .))
وقد ذهب أبن قتيبة - رحمه الله- الى أن الصغار هم صغار الأسنان ، فقال على أثر ابن مسعود ألآنف الذكر :
يريد لايزال الناس بخير ماكان علمائهم المشايخ ، ولم يكن علمائهم الاحداث ، لأن الشيخ قد زالت عنه متعة الشباب ،
حدته ، وعجلته ، وسفهه ، واستحب التجربة والخبرة ، ولايدخل عليه في علمه الشبهة ، ولا يغلب عليه الهوى ، ولايميل به الطمع ،
ولا يستزله الشيطان استزلال الحدث ، فمع السن الوقار ، والجلالة ، والهيبة.
والحدث قد تدخل عليه هذه الامور التى آمنت على الشيخ ، فاذا دخلت عليه ، وأفتى هلك وأهلك.
قال ابن رجب رحمه الله - في كتابه (( بيان فضل علم السلف على علم الخلف )):
(( فيجب أن يعتقد أنه ليس كل من كثر بسطه للقول وكلامه في العلم كان أعلم ممن ليس كذلك )) . (من ص 38 إلى ص 40 ) .
فأنصح
نفسي وإخواني: أن يحرصوا على طلب العلم عند العلماء الربانيين , الذين قد
شابت لحاهم في طلب العلم وتعليمه , وأن لا يغتروا بحدثاء الأسنان , وشيوخ
الفجأة , الذين يلهثون وراء التزكيات ويرسلون من يتصل بطلاب العلم
والشيوخ لعله يأتي بثناء أو مديح لهم!!! , حتى يطيروا بنشره بين الناس .
وهذا كله ليس من العلم ولا من الحكمه , ودائِماً تجد أصحاب هذه التصرفات
(ليس لهم عالم قد درسوا أو تتلمذوا عليه !!! ).
فتجد منهم من كان شيخه (جوجل!!!) ويحظر الدروس والكلمات ويجمعها عن طريق( شيخه ) فإذا تكلم أغتر به من سمعه وأحسن به الظن.
وأوصي إخواني: أن يرفقوا بإخونهم طلبة العلم وأن لا يقصموا ظهورهم بكثرة الثناء عليهم , وتفخيم الألقاب لهم
ومدحم على مرأى ومسمع لهم , لأن ذلك أمر خطير, وعواقبه وخيمه , وهو من أكبر أسباب إنحراف كثير من طلاب العلم الصغار
الذين لم يتلقوا العلم عن العلماء الربانين ولم يعرفوا صفات أهل العلم وطلابه
فغالباً تجدهم يتصدرون في المجالس بل وحتى للفتوى في النوازل
ويردون على العلماء ويشهرون بأخطائهم وينشرونها في الملأ دون مناصحة العالم المجتهد وذلك كله ليس ديانةً وإنما تلميعاً لأنفسهم.
وأفضل ما قرأة في هذا الباب لفضيلة الشيخ: عبدالسلام برجس رحمه الله قال منبهاً
(( من عوائق الطلب .. أخذ العلم عن الأصاغر))
تنبيه:في
هذا الزمان اختل معيار كثير من العامة في تقييم العلماء، فجعل كل من وعظ
موعظة بليغة ، أو ألقى محاضرات هادفة ، أو خطب الجمعة مرتجلا ... عالماً
يرجع اليه في الافتاء ويؤخذ العلم عنه.
وهذه
رزية مؤلمة ، وظاهرة مزرية ، تطاير شرارها ، وعم ضررها ، إذا هى إسناد
العلم الى غير أهله ، وإذا وسد الأمر الى غير أهله فانتظر الساعة.
فليحذر
الطالب من أخذ العلم عن هؤلاء ، الا اذا كانوا من أهل العلم المعروفين ،
فما كل من أجاد التعبير كان عالما ، ولا كل من حرف وجوه الناس اليه
بالوقيعة في ولاة أمور المسلمين ، أو بذكر نسب وفيات الايدز ونحوها يكون
عالما.
وليس
معنى ما تقدم -كما يفهم البعض- عدم الاستماع اليهم ، أو الانتفاع بمواعظهم
، كلا ، إنما المراد عدم أخذ العلم الشرعى عنهم ، وعدم رفعهم الى منازل
العلماء ، والله الموفق. )) أهـ.
والحمدلله رب العالمين
كتبه:
أبوفيصل الأردني
فواز بن عليوي الشمري
ونقله لكم لخضر الجزائري