حكم تهنئة الكفار بأعيادهم ومناسباتهم الدينية
: الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: فقد كثر الكلام حول حكم تهنئة المسلم للكفار بأعيادهم الدينية، وأرى من الواجب بيان الحق الذي يظهر لي في ذلك فأقول: لا تجوز تهنئة الكفار بأعيادهم لما في ذلك من المحاذير الكثيرة ومنها:
أولًا: أن
هذا فيه نوع موالاة لهم وقد نهينا عن موالاتهم في أدلة كثيرة من الكتاب
والسنة منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، سورة المائدة: ، ومن الموالاة لهم
تهنئتهم؛ لأنها تنبئ عن محبتهم ومحبة دينهم؛ لأن الذي لا تحبه لا تهنيه،
وقد قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا
آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)
سورة المجادلة: ، فإذا نهينا عن محبة الأقارب المحادين لله ورسوله فكيف
بغيرهم.
ثانيًا: أن هذا فيه رضى بأعيادهم وإقرار لهم عليها وتشجيع لهم، وكل واحد من هذه الأمور كافٍ في تحريم تهنئتهم فكيف إذا اجتمعت في تهنئتهم.
والجواب عن شبه المجيزين:
وأما من يقول إن المسلم يضطر إلى تهنئتهم إذا كان مقيمًا بينهم أو يتعلم منهم فنقول:
أولًا: لا تجوز إقامة المسلم بين أظهر الكفار إلا لحاجة مباحة وتنتهي الإقامة بينهم بانتهاء الحاجة مع تمسكه بدينه.
ثانيًا:
هم لا يجبرونه على ذلك ولا يكرهونه حتى يقال إن هذا من باب الضرورة ودفع
الإكراه والمسلم يعتز بدينه ولا يجامل فيه بل يقول: (لَكُمْ دِينُكُمْ
وَلِيَ دِينِ) سورة الكافرون
وأما من يقول كما أنهم يهنئوننا بأعيادنا فنحن نهنئهم بأعيادهم من باب
رد الجميل. فنقول إن أعيادنا حق وأعيادهم لا سيما البدعية باطلة فلا نقرهم
عليها ولا نهنئهم بها.
وأما الاستدلال بقوله تعالى: (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ
لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ
أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) سورة الممتحنة:، على جواز
تهنئتهم بأعيادهم فنقول هذا استدلال في غير محله؛ لأن الآية تعني بر هؤلاء
والإحسان إليهم في الأمور المباحة، وتهنئتهم بأعيادهم ليست مباحة فلا نبرهم
بها.
وأما قول: إن هذا من باب الدعوة إلى الله، فنقول: الدعوة إلى الله لا تكون فيما نهينا عنه من موالاتهم بل تكون بما شرعه الله.[/size]
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
كتبه: صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
1433/02/17هـ
11/1/2012م[/size]