النثر هو الصورة الفنية الثانية من صور التعبير الفني ،وهو لون الكلام لا تقيده قيود من أوزان أو قافية.ومن أشهر ألوان النثر
الجاهلي:
• الحكم والأمثال .
• الخطب .
• الوصايا .
• سجع الكهان .
ولقد اصبح من الثابت لدى الباحثين أن العصر
الجاهلي لا يشمل كل ما سبق الإسلام من حقب طوال ولكنه يقتصر على حقبة لا تزيد على
القرنين من الزمان وهي ما اصطلح الباحثون على تسميتها بالجاهلية
الثانية.وفي تلك الحقبة ظهر هذا الإنتاج الغزير الناضج من
الشعر والنثر واكتملت للغة العربية خصائصها التي برزت من خلال هذه النتاج
الأدبي الوفير.كما استقر أيضا رسم حروفها الألف بائية فما انتهى
إلينا.إذن، من أدب جاهلي هو أدب الجاهلية الثانية. وهو ما نستطيع الحديث
عنه ودراسة فنونه وخصائصه أما أدب ما قبل هذه الحقبة التاريخية فهو أدب ما
يسمى بالجاهلية الأولى وهو أدب لم تتوافر نصوص منه.فالحديث عنه غير ممكن
ومن هنا فان الأبحاث التي استقصت أولية
الشعر العربي أو أولية اللغة العربية تقوم على مجرد الحدس والتخمين أو على نوع
من الأخبار الوهمية والخرافات. على أن اللغة العربية التي سجلت بها النصوص
الأدبية في عصر الجاهلية الثانية هي واحد من الأسرة السامية التي
تشمل :
1- والبابلية والآشورية
2- الآرامية
3- الكنعانية
4- الآكادية الحبشية
5- العربية بفرعيها الشمالي والجنوبي وإذا كانت
الأمية قد شاعت بين العرب فان هذا لا يعني فقط انعدام القراءة والكتابة
لديهم فلقد انتشرت القراءة والكتابة بينهم بالقدر الذي يسمح لهم بتدوين
معاملاتهم وآدابهم وإذا كانت الذاكرة العربية التي تميزت بالقوة قد حفظت
قدرا كبيرا من الأشعار فان التدوين أيضا كان مساندا للرواية الشفوية أما
طرح ابن سلام في كتابه (
طبقات فحول الشعراء ) لقضية الانتحال فينبغي أن
يؤخذ على انه دليل على ما بذله الأقدمون من جهود لتقنية
الشعر الجاهلي من التزييف ووضع المعايير العلمية الدقيقة لضمان سلامة
الشعر الجاهلي وتوثيقه ، أما مراكز
الشعر العربي في العصر
الشعر فإنه بالاضافة الى الجزيرة العربية نفسها نجداً والحجاز فقد عاشا
الشعر لعربي
وازدهر في إمارتين اثنتين هما :
إمارة الغساسنة والمناذرة وقدقامتا في الأطراف الشمالية من شبه الجزيرة العربية .
أما إمارة الغساسنة فقد قامت في بلاد الشام ، حيث
اتخذ الرومان ، ثم خلفاؤها البيزنطيون من بعدهم ، من الغساسنة حلفاء لهم
ضد أعدائهم التقليديين من الفرس ، وحلفائهم من المناذرة في العراق ، وقد
كان الغساسنة عرباً من الجنوب نزحوا إلى الشمال وأقاموا إمارتهم العربية
تلك في شرق الأردن وكانوا قد تنصروا في القرن الرابع الميلادي ، وقد كانت
إمارة الغساسنة على جانب كبير من الثراء والتحضر ، ومن أهم ملوكهم الحارث
الأصغر ، ثم ابناه من بعده النعمان وعمرو ، والأخير هو الذي قصده النابغة
الذبياني ، كما قصد حسان بن ثابت النعمان بن المنذر أيضاً ومدحه
في قصائد
شهيرة ، منها قصيدته التي من أبياتها :
أولاد جفنة حول قبر أبيهم -- قبر ابن مارية الكريم المفضل
وكما قامت إمارة الغساسنة في الشام ، فقد قامت
إمارة المناذرة في العراق .وكما كان الغساسنة عرباً ذوي أصول يمنية ،
فكذلك كان المناذرة . ومثلما قصد شعراء الجزيرة العربية أمراء الغساسنة ،
فكذبك قصدوا إمارة المناذرة ،الذين كان من أشهرهم المنذر بن ماء السماء
حوالي (
514 – 554 م ) وعمرو (
554 – 569 م ) الذي ازدهرت الحركة الأدبية
في أيامه ، وقد وفد عليه في الحيرة ، حاضرة المناذرة ،عمرو بن قميئة
والمسيب بن علس والحارث بن حلزة وعمرو بن كلثوم .كما وفد النابغة الذبياني
على أبي قابوس النعمان بن المنذر الرابع ( 580 – 602 م ) ،ووفد عليه
أيضاً أوس بن حجر ، والمنخل اليشكري ولبيد والمثقب العبدي وحجر بن خالد
ولاشك أن طبيعة المنافسة السياسية بين المناذرة التابعين لدول فارس
الغساسنة الموالين للبيزنطيين قد انعكست على الحياة الأدبية على نحو ليس
بالقليل . ازدهر
الشعر الشعبي إبان الجاهلية ازدهاراً عظيماً تمثل في هذا العدد الكبير من
الشعراء الذين تزخر المصادر بأسمائهم وأشعارهم إذ نظموا في جاهليتهم
الأخيرة قبل الإسلام كثيراً من
الشعر. ومع هذا فقد ضاع معظم هذا
الشعر ، على حد قول أبي عمرو بن العلاء :" ما انتهى إليكم مما قالته العرب إلا
قلة ، ولو جاءكم وافراً لجاءكم علم وشعر كثير " . وقد اشتهرت في الجاهلية
بيوت كاملة بقول
الشعر . فالنعمان بن بشير ، مثلاً كان أبوه وعمه شاعرين ، وكذلك جده ثم أولاده
من بعده ،وكعب بن مالك الصحابي الشاعر كان أبوه وعمه شاعرين . ثم أبناؤه
وأحفاده ، وكذلك كان أمر بيت أبي سلمى ومنه زهير وولداه كعب وبجير وأخوال
كعب شعراء ومنهم بشامة ابن الغدير .ثم هناك حسان بن ثابت رضي الله عنه
الصحابي الشاعر وقد تسلسل
الشعر في بيته لبضعة أجيال .عرف التاريخ
الشعر العربي في العصر
الجاهلي نساء شواعر منهن على سبيل المثال : الخنساء وخرُنَق وكبشة أخت عمرو بن
معدي كرب وجليلة بنت امرأة كليب الفارس المشهور ولها في كليب مراث من عيون
الشعر العربي وقيسة بنت جابر امرأة حارثة بن بدر ولها أيضاً مراث في زوجها
وأميمة امرأة بن الدمينة وقد كان أبو نواس الشاعر العباسي يروي لستين
شاعرة من العرب .والناظر في المصادر العربية تهوله تلك الكثرة من الأشعار
والشعراء خاصة إذا ضم إليها ماجاء في كتب التاريخ والسير والمغازي والبلدان
واللغة والنحو والتفسير إذتزخر كلها بكثير من أشعار الجاهليين بما يوحي
أن
الشعر كان غذاء حياتها، وان هذه الأمة قد وهبت من الشاعرية الفذة ما يجعل المرء يتوهم أن كل فرد من رجالها ونسائها وعلمائها كان يقول
الشعر وتدل هذه الكثرة من
الشعر والشعراء على أن الشاعرية كانت فطرة فيهم ثم ساندت هذه الفطرة الشاعرة
عوامل أخرى منها تلك الطبيعة التي عاش العربي الأول كل دقائقها من جبال
وممهاد ووديان وسماء ونجوم وأمطار وسيول وكائنات .لقد كانت الطبيعة كتاباً
مفتوحا أمام بصر الشاعر العربي وبصيرته ومن هنا استلهمها في أشعاره ويضاف
إلى الطبيعة تلك الحروب التي ألهبت مشاعره بحماسة موارة . ثم حياةالإنسان
العربي في بساطتها وفضائلها .وفي معاناته وصراعاته ضد الجدب والخوف معاً
ومن ثم جاء هذا
الشعرممثلاُ لحياة الجزيرة العربية في بيئاتها وأحوالها المختلفة ،ولحياة
الإنسان العربي في أخلاقه وطباعه وعاداته وعقائده وبطولاته وأفكاره . كانت
للشاعر العربي في قبيلته منزلة رفيعة . كما كانت رموز القبيلة العربية
الأساسية ثلاثة :القائد والفارس والشاعر .وكان الشاعر في القبيلة لسانها
الناطق والمدافع معاً .بل كان بيت الشعر أحياناً يرفع من شأن قببيلة ، كما يحكى عن بني أنف الناقة الذين كانوا
يعيرون بلقبهم ، حتى كان الرجل منهم يحتال على إخفاء لقبه ،فما إن قال
فيهم
الحطيئة بيته الشهير :
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم = ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]