فن القصــــــة في النثر العربي
إعداد الدكتورة : سوسن رجب
عمل أدبي، يصور حادثة من حوادث الحياة أو عدةحوادث مترابطة، يتعمق القاص في تقصيها والنظر إليها من جوانب متعددة ليكسبها قيمةإنسانية خاصة مع الارتباط بزمانها ومكانها وتسلسل الفكرة فيها، وعرض ما يتخللها منصراع مادي أو نفسي، وما يكتنفها من مصاعب وعقبات، على أن يكون ذلك بطريقة مشوقةتنتهي إلى غاية معينة، ويعرفها بعضالنقاد بأنها:
حكاية مصطنعة، مكتوبة نثرا، تستهدفاستثارة الاهتمام سواء أكان ذلكبتطور حوادثها، أو بتصويرها للعادات والأخلاق، أو بغرابة أحداثها.
الأنواع القصصية: لقد تعددت أشكال القصة وتنوعت،ووضع النقاد لكلمنها مسمى خاص :
1- الرواية:هي أكبر الأنواع القصصية حجما.
2- الحكاية: وهي وقائع حقيقية أو خيالية لايلتزم فيها الحاكي قواعد الفن الدقيقة.
3- القصةالقصيرة: تمثل حدثا واحدا، في وقتواحد وزمان واحد، يكون أقل من ساعة
(وهي حديثة العهد في الظهور).
4- الأقصوصة:وهي أقصر من القصة القصيرة وتقوم على رسم منظر.
5- القصة:وتتوسط بين الأقصوصة والرواية ويحصر كاتب الأقصوصة اتجاهه في ناحية ويسلط عليهاخياله، ويركز فيها جهده، ويصورها في إيجاز.
ولكن:هل عرف الأدب العربي هذه الأنواع القصصية قديما؟
( لعل أهم شكل أدبي عرفه العصر الحديث هو الروايةبأنواعها وأشكالها المختلفة من قصة وقصة قصيرة وأقصوصة ، حتى أنها أصبحت تحتلالمكانة المرموقة التي كان يحتلها الشعر في الأدب العربي القديم، فالرواية لم تفرض نفسها فقط بل غزت كل الحقول الإبداعية المعاصرة، إذأصبحت الشكل الحاوي والجامع لكل أشكال الفكر المعروفة : من فلسفة ومأساة وملحمة ،وعلم اجتماع ، وسياسة واقتصاد، وعلم نفس، ورؤى فنية وأدبية. وهي تقدم كل ذلك فيأسلوب ممتع لا يتطلب عناء تلك العلوم،.. بل إن الأدب العربي الحديث لم يزدهر وينهض مثلما ازدهر ونهض فيالرواية . وما ازدهار تلك الرواية ، وما تطورها إلا دليلا على أنها ضاربة بجذورهاوأصولها ومصادرها في الفكر العربي القديم، قدم هذه اللغة وقدم أهلها، فلقد عرفالفكر العربي ، في مختلف محطاته ، ألوانا قصصية مختلفة ومتنوعة ومتطورة. لكنمازالت بعض الدراسات العربية النقدية ترى أن الرواية العربية هي بالأساس أخذ واقتباس عن الرواية الغربية، بينماتؤكد البحوث في الرواية الغربية أنهذا الشكل من أشكال التعبير الفكري والأدبي، قد ظهر إلى الوجود، بصورة أو بأخرىمنذ ألفي سنة)([1]). ويقول الدكتور محمود قيسومة: ( أكاد أزعم أنالأمة العربية لا ينافسها غيرهافيما صاغت من قوالب للتعبير عن القص والإشعار به، فنحن الذين قلنا من غابر الدهر" يحكى أن ... وزعموا أن.... وكان ياما كان.. " إلى آخر هذه الفواتح التي يمهد بهاالقصاص العربي في مختلف العصور لما يسرد من أقاصيص ، وفي هذا المجال يقول جوستاف لوبون:" أتيح لي في إحدى الليالي أن أشاهد جمعا من الحمُالين والأجراء ، يستمعونإلى إحدى القصص ، وإني لأشك في أن يصيب أي قاص غربي مثل هذا النجاح، فالجمهور العربي ذو حيوية وتصور، يتمثل مايمعه كأنه يراه"
لذلك إني لأومن ، بأن فن القصة له جذور عربية أصيلة فلم يكنوافدا إلينا كلية من الغرب دون وجود أية جذور عربية له في بيئتنا .. إننا سارعنا في الإنكار على الأدبالعربي أن فيه قصة، وماكان ذلك الإنكار إلا لأننا وضعنا نصب أعيننا القصة الغربية ، في صياغتها الخاصة بها ،وإطارها المرسوم لها، ورجعنا نتخذها المقياس والميزان ، وفتشنا في الأدب العربي عنوجود أمثال لهذا المقياس فلم نجد.. والحقيقة أن الأدب العربي فيه قصص ذو صبغة خاصة به ، وإطار مرسومله، وإننا لنشهد فيه ملامحنا وسماتنا واضحة جلية ، فقد بدأت القصة العربية مع بدايةالإنسان فقد نشأت القصص الأسطوريةمع الإنسان القديم بما حوته من خرافات من مثل قصص الغول وصاحباللحية الزرقاء )([2])
وللقصة عناصر تكونها، ولاتكون إلا بها، وهذه العناصر هي:
1-الموضوع : يختار القاص موضوعه من :
أ- تجاربه . متناولا النفس البشريةوسلوكها وأهوائها .
ب- تجارب الآخرين : متناولا المجتمعبالنقد والتحليل .
ج- ثقافته : متناولاموضوعات فكرية وفلسفية .
د - من التاريخ : متناولا نضال الشعوبوالأحداث الوطنية والسياسية .
هـ - من الوثائق .
(2)الفكرة، ( فكرة القصة):
هي وجهة نظر القاص في الحياة ومشكلاتها التي يستخلصها القارئ في نهايةالقصة .
وعلى القاص أن يتجنب الطرح المباشر؛ لئلا يسقط في هاوية الوعظ والإرشاد .
(3) الحدث:
هو مجموعة الأعمال التي يقوم بها أبطال القصة ويعانونها ،وتكون في الحياة مضطربة، ثم يرتبها القاص في قصته بنظام منسق لتغدو قريبة من الواقع،
ويتم عرض الحوادث بواحدة من الطرق الثلاثة الآتية:
1- .النوع التقليدي : وفيه ترتب الأحداث من البداية ثم تتطور ضمن ترتيب زمني سببي .
2.الطريقة التي تنطلق من النهاية ثم تعود بالقارئ إلى البداية والظروفوالملابسات التي أدت إلى النهاية .
3. الطريقة التي يبدأ الكاتب الحوادث من منتصفها، ثم يرد كل حادثة إلىالأسباب التي أدت إليها
(4) الحبكة:
هي فن ترتيب الحوادث وسردها وتطويرها.
والحبكة تأتي على نوعين هما:
1.الحبكة المحكمة : وتقوم على حوادث مترابطة متلاحمة تتشابك حتى تبلغالذروة ثم تنحدر نحو الحل.
2. الحبكة المفككة : وهنا يورد القاص أحداثا متعددة غير مترابطة برابطالسببية ، وإنما هي حوادث ومواقف وشخصياتلا يجمع بينها سوى أنها تجريفي زمان أو مكان واحد.
( 5) البيئتان الزمانيةوالمكانية:
البيئة المكانية :هي الطبيعة الجغرافية التي تجري فيها الأحداث ، والمجتمعوالمحيط وما فيه من ظروف وأحداث تؤثر في الشخصيات .
البيئة الزمانية :هي المرحلة التاريخية التي تصورها الأحداث .
(6) الشخصيات:
1.شخصيات رئيسية : تلعب الأدوار ذات الأهميةالكبرى في القصة .
2. شخصيات ثانوية : دورها مقتصر على مساعدة الشخصيات الرئيسة أو ربط الأحداث.
أنواع الشخصيات بحسب الثبات والظهور
1.شخصيات نامية : تتطور مع الأحداث .
2.شخصيات ثابتة : لا يحدث في تكوينها أي تغيير ، وتبقى تصرفاتها ذات طابعواحد لا يتغير .
الطرق التي يعرض بها القاص شخصياته:
1.الطريقة التحليلية : وفيها يرسم القاص شخصيته وعواطفها ويعقب علىتصرفاتها .
2. الطريقة التمثيلية : وفيها ينحّي القاص ذاته ، ويترك الشخصية تعبر عنطبيعتها من خلال تصرفاتها .
(7)الأسلوب واللغة:
1.السرد : وهو نقل الأحداثمن صورتها المتخيلة إلى صورة لغوية .
وله ثلاث طرق :
-الطريقة المباشرة : ويكون الكاتب فيها مؤرخا.
- طريقة السرد الذاتي :وفيها يجعل الكاتب من نفسه إحدى شخصيات القصة ، ويسرد الحوادث بضمير المتكلم .
- طريقة الوثائق : وفيها يسرد الكاتب الحوادث بواسطة الرسائل أو المذكرات .
(8 )الصراع:
وهو التصادم بين إرادتين بشريتين
نوعا الصراع: أ- خارجي : بين الشخصيات .
ب- داخلي : في الشخصية نفسها.
(9) العقدةوالحل:
وهي:تأزم الأحداث وتشابكها قبيل الوصول إلى الحل.
ولكن: هل من الضروري أن يكون لكل عقدة حل؟
ليس من الضروري ذلك ، فيمكن أن تكون نهاية القصة مفتوحة، تستدعي القارئ أن يضع النهاية بنفسه وبخياله