{ حكم الغناء }

حكم الغناء
قد أجمع علماء الإسلام: على تحريم الغناء ولم
يشذّ إلاَّ ابن حزم رَحِمَهُ اللهُ وهذا لقلَّة اعتنائه بالآثار ومعرفته
بها، قليل العناية رَحِمَهُ اللهُ بالآثار كما نصّ على ذلك الأئمة، ومن آخر
من سمعنا منه هذا الكلام شيخنا شيخ الإسلام في هذا الزَّمن الشَّيخ: عبد
العزيز بن باز رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى حينما ذكرَ بعضًا من مخالفاته
الواضحة المصادمة للنُّصوص، قالَ: "هذا بسبب قلَّة اعتنائه بالآثار وعنايته
بها"، وهو موجودٌ بصوته رَحِمَهُ اللهُ.
والشَّاهد: أنه لم يُخالف في هذا إلاَّ ابن حزم
ولا عبرة بخلافه؛ لِمَ؟ لأنهُ في مقابل النَّص، والاعتبار إنَّما هو
بالخلاف المعتبر، أمَّا الخلاف الَّذي هو في مقابل النَّص، يسمَّى: الخلاف
المرذول، السَّاقط، هذا خلافٌ مرذولٌ غير مقبولٍ.
وليس كلُّ خلافٍ جاء معتبرًا °°° إلَّا خلافٌ لهُ حظٌ من النَّظرِ
وهذا لا حَظَّ له، بل هو في مقابل الأثر، وإلاَّ قد حكى ابن جرير رَحِمَهُ
اللهُ تَعَالَى الإجماع، إجماع العلماء على كراهة الغناء، وقد قلنا لكم:
إنَّ الكراهة عند الأولين تعني: الحُرمة، نعم.
وسُئِلَ مالكٌ رَحِمَهُ اللهُ عن الغناء؟ فقالَ: لا يجوز، فقيل لهُ
رَحِمَهُ اللهُ: يُقال: إنَّ أهل المدينة يسمعونه؛ هذا من زمان ما هو من
اليوم، قالَ له السَّائل: يُقال: إنَّ أهل المدينة يسمعونه، فردَّ مالكٌ
رَحِمَهُ اللهُ ردًّا حازمًا، هذه الكلمة "أهل المدينة" إذا أُطلقت يُراد
بهم الَّذين عليهم العمل، فقال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "إِنَّمَا
يَفْعَلُهُ عِنْدَنَا الْفُسَّاقُ". والفُسَّاق لا عبرة بهم، مالكٌ حينما
يقول عمل أهل المدينة؛ يقصد هؤلاء ـ عياذًا بالله من ذلك ـ، أعاذهُ الله،
ثمَّ أعاذهُ، ثمَّ أعاذهُ، فما يقصد بأهل المدينة الَّذين عليهم المعوَّل،
أهل العلم والدِّين والإمامة والهُدى في دين الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى،
فقالَ مالكٌ: "إِنَّمَا يَفْعَلُهُ عِنْدَنَا الْفُسَّاقُ". الَّذين لا
خلاقَ لهم، هؤلاء لا عبرة بهم. الفُسَّاق لا عبرة بهم؛ يُنكر عليهم، هذا
مالكٌ يُنكر ذلك، فلا يجوز نسبته إلى أهل المدينة، نعم
مستفاد من: شرح الإبانة الصغرى - الدرس 12 | للشيخ: محمد بن هادي المدخلي