اضرار الضرب على الوجه

وحيث إن الله قدجعل في الوجه أشرف الأعضاء وأنفعها وأكثرها حسناً
وجمالاً ورقة وضعفاً ،فقد كرمه الله أحسن تكريم لدرجة أنه لم يجز ضربه حتى
بماء الوضوء ،وذلك لما يتركه الضرب من أذى نفسي يوحي بالإهانة والاحتقار
وخطر جسدي ربما يودي بأحد الأعضاء الهامة المتمركزة فيه .‏

[size=16]
ونظراً لممارسة هذه الظاهرة من قبل بعض أولياء الأمور وبعض
المعلمين والمربين وغيرهم ،ونظراً لخطورتها وعملاً على الحد من انتشارها
،التقت الفرات بالشيخ سعيد الرحباوي والدكتور صخر الزايد والمحامي حسين
الطعان والأستاذ محمد الحسن لبيان وجهة نظر الدين والطب والقانون وعلم
النفس في هذه الظاهرة السيئة .‏

[size=16]
الدكتور صخر محمود الزايد ( اختصاصي بالأمراض العصبية ):‏

[size=16]
إن سوء معاملة الطفل والعقوبات القاسية التي تتخذ بحقه خاصة عقوبة
الضرب على الوجه تؤدي إلى مشاكل نفسية عميقة لدى الأطفال ( السليمين عقلياً
بالأساس ) وهي تدعي حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية : اضطرابات القلق
الاجتماعي في الطفولة وهي مجموعة من الاضطرابات المتباينة إلى حد ما والتي
تشترك بوجود خلل في الأداء الاجتماعي ويتضمن سمات سوء تأقلم مع المحيط
الاجتماعي واستجابات شديدة التناقض والتردد واضطربات انفعالية تظهر من خلال
البؤس الواضح وفقدان الاستجابةالعاطفية وسيطرة الاستجابات الانعزالية
والعدوانية والخوف وفرط التنبه ،كل هذه المشاكل النفسية تؤثر على النشاط
الذهني والتحصيل الدراسي .‏

[size=16]
ان مانرجوه من المربين والأهل هو الامتناع عن أسلوب الإيذاء
والعقاب والتهديد لأن هذا السلوك غير مثمر ويؤدي إلى خلل في التطور النفسي
والاجتماعي للطفل و يؤثر عليه طول حياته بل يجب اللجوء إلى فهم احتياجات
الطفل وتوجيهه بطريقة واعية .‏

[size=16]
وإن مايجب أن نفهمه هو أن الطفل كائن حساس له طبيعته الجسدية
والنفسية الخاصة التي تختلف عن الكبار ،والتي يجب التعامل معها باحترام
لإنسانيته ومساعدته حتى يصبح إنساناً متوازناً من الناحية النفسية ومواطناً
صالحاً في المستقبل .‏

[size=16]
المحامي حسين الطعان :‏

[size=16]
إن استخدام العنف والضرب يعدان من أكثر الأساليب التربوية إساءة
للأطفال إضافة إلى أنهما مرفوضان في كل الفلسفات والمناهج التربوية قديمها
وحديثها : لأنهما يعملان على كبت الطاقات الخلاقة وينتجان جيلاً قابلاً
للانقياد ،وربما يغرسان بدل الإبداع رغبة في الانتقام ،وبدل الرحمة والمودة
حب الإيذاء والعداء .‏

[size=16]
وبما أن الإنسان ينشأ بفطرته السليمة على الحرية ( كل مولود يولد
على الفطرة ) فإن هذه الفطرة تحتاج إلى اللين والمبادئ السامية أكثر منها
إلى القسوة والعنف ،فقد منع قانون العقوبات السوري - حتىالأب من الضرب
المبرح بقصدالتأديب وهذا مانصت عليه الفقرة (أ) من البند الأول من المادة
(185)‏

[size=16]
(ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد آباؤهم وأساتذتهم على نحو ما يبيحه العرف العام ).‏

[size=16]
كما أنه لايؤدب في القانون السوري إلا الأولاد والمقصود بالأولاد القاصرون الذين لم يتموا الخامسة عشرة من عمرهم .‏

[size=16]
ويؤدب الأطفال من قبل آبائهم وأساتذتهم وهذا التأديب مبرر شريطة أن
يكون في حدود ما استقر عليه العرف .والتأديب هو الضرب البسيط الذي لايحدث
كسراً أو جرحاً ،ولايترك أثراً ولايخلف مرضاً ،إلا أن إجازة القانون تنعدم
إذا أورد المشرع نصاً خاصاً على تحريم الضرب كما هي الحال في المدارس
الحكومية في القطر العربي السوري ،وفي القوانين الخاصة بالتربية والتعليم
تعد أعمال القوة والعنف ضدالتلاميذ والطلاب عملاً ممنوعاً ومحاسباً عليه
بشدة بل أن وزارة التربية عممت على المديريات كافة بوجوب الالتزام بهذه
التعليمات لخلق جيل قوي الشخصية يحب مجتمعه ووطنه .‏

[size=16]
محمد مصطفى الحسن « مدرس فلسفة وعلم نفس متقاعد »: تسبق الأسرة كل
المؤسسات الاجتماعية في الرعاية والتأثيرعلى الأطفال ،حتى المدرسة التي من
المفترض أن يتعلم فيها الطفل كل شيء ، فإنه يأتي إليها حاملاً معه من آثار
الأسرة جزءاً اساسياً من كيانه الداخلي ، وما يحمله وينتقل معه من مرحلة
إلى أخرى هوالعقاب المرتبط بالآلم والثواب المرتبط باللذة .‏

[size=16]
وحيث إن العقاب والثواب قد أقرهما ا& في شرعه للعالمين جميعاً
بدليل قوله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة
شراً يره ).‏

[size=16]
فإن العقاب لابد أن يكون الحل الأخير خاصة المؤلم منه ، والأكثر
خصوصية ماكان منه على الوجه الذي يمثل صورة الجمال الإنساني الذي أودعه
ا& في خلقه .‏

[size=16]
والضرب على الوجه تنتج عنه أضرار مادية تتجلى في الكثير من التشوهات التي تلحق بالحواس والأعضاء المتمركزة فيه .‏

[size=16]
كما ينتج عنه أضرار معنوية لاتقل أهمية عن الأضرار المادية بل ربما
تكون أهم منها ويتجلى أبرزها فيما يحمله الطفل من آثار نفسية وسيئة تجعله
في المستقبل -كما بينت الدراسات - يتميز بسلوك غير سويّ سواء كان شعورياً
أو غير شعوري .‏

[size=16]
- الشيخ سعيد الرحباوي ( مدرس تربية إسلامية متقاعد ومتطوع بالإفتاء ) :‏

[size=16]
نهى رسول ا& صلى عليه وسلم عن الضرب على الوجه وعده أشرف منطقة في الجسم .‏

[size=16]
وبما أن الوجه يشمل وسائل المعرفة ( السمع والبصر واللسان و..)‏

[size=16]
فيجب علينا الاعتناء به وعدم إيذائه من كل النواحي .‏

[size=16]
وعن جواز ضرب الأطفال قال:‏

[size=16]
يجوز الضرب غير المبرح من أجل التربية والتعلم وذلك بعد سن العاشرة
قياساً على جوازالضرب من أجل الصلاة « واضربوهم عليها وهم أبناء عشر » .‏


[size=16]
والضرب يكون على الظهر أو على الإليتين أو على المناطق التي لاتعرض
الطفل للخطر مع وجوب تجنب المناطق الحساسة في الجسم، لأن الغاية هي
الإيلام النفسي لا الجسدي ، إضافة إلى إشعاره بوجود سلطة عليا تراقبه
وتحاسبه على كل تصرفاته .‏

[size=16]
وختاماً نقول :‏

[size=16]
كان الضرب على الوجه في حقب سابقة يعد أمراً اعتيادياً يلجأ إليه
المربون وولاة الأمور والمعلمون ، إلا أنه بدأ يتراجع تدريجياً نتيجة
ازدياد الوعي والاعتماد على الوسائل التربوية الحديثة من جهة وصدور قانون
منع الضرب في المدارس من جهة أخرى .‏

[size=16]
ولايسعني هنا إلا أن أذكر المربين المعلمين بضرورة اجتناب الضرب
على الوجه لما قد يسببه من تعطيل لإحدى الحواس الموجودة فيه وتعرض للمساءلة
القانونية واصطدام وحواجز مع الطلاب وذويهم ،وإساءة لسمعتهم ومكانتهم في
المجتمع ، إضافة إلى أنه محرم شرعاً بدليل قول النبي صلى ا& عليه وسلم
في الحديث الحسن « إذا ضرب أحدكم خادمه ، فليتق الوجه » .‏
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]