منتديات عين بسام التربوية
مرحبا بك (عزيزي الزائر، عزيزتي الزائرة) ،نتمنّى أن تجد(ي) ما يروقك ويلبّي حاجاتك .إن طاب لك المقام بيننا نتشرّف بدعوتك لإنشاء حسابك .
أخوك: أبو فيصل
منتديات عين بسام التربوية
مرحبا بك (عزيزي الزائر، عزيزتي الزائرة) ،نتمنّى أن تجد(ي) ما يروقك ويلبّي حاجاتك .إن طاب لك المقام بيننا نتشرّف بدعوتك لإنشاء حسابك .
أخوك: أبو فيصل
منتديات عين بسام التربوية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


موقع تربويّ تعليميّ ثقافيّ يعتني بشؤون المتعلّمين والمعلّمين
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
أهلا وسهلا بك في منتديات عين بسّام التربويّة . نسعد بحضورك معنا ونكون أسعد حين تتفضّل بمساهماتك النيّرة الهادفة . ستقضي وقتا شيّقا بين إخوانك وأخواتك في أسرة هدفها التربية والتعليم . دمت في حفظ الله ورعايته.
تذكّر قول الله تعالى : " ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد." ق 18 
قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له به طريقا إلى الجنّة "رواه الامام مسلم
قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: " من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتّى يرجع." رواه الترمذي

 

 المختصر في زكاة الفطر كتبه الشيخ الفاضل أبي عمار علي الحذيفي حفظه الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
لخضر الجزائري 1
مشرف عام مميّز
مشرف عام مميّز
لخضر الجزائري 1


تاريخ التسجيل : 22/09/2009

المختصر في زكاة الفطر كتبه الشيخ الفاضل أبي عمار علي الحذيفي حفظه الله  Empty
مُساهمةموضوع: المختصر في زكاة الفطر كتبه الشيخ الفاضل أبي عمار علي الحذيفي حفظه الله    المختصر في زكاة الفطر كتبه الشيخ الفاضل أبي عمار علي الحذيفي حفظه الله  Empty27.08.11 7:52

المختصرفي زكاة
الفطر




كتبه:
أبو عمار علي
الحذيفي



مقدمة:
الحمد لله
رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
وبعد:


فهذا مختصر في "زكاة الفطر"، تعرضنا فيها لبيان شيء من حكمها وأحكامها، وغايتنا في ذلك
توضيح مسائل العلم وتقريبها للمسلمين.


وتتكون من
عدة فصول:


الفصل الأول: بيان معنى زكاة الفطر:


ويشتمل على ما
يلي:


المبحث الأول: معنى زكاة
الفطر.


المبحث الثاني: الفروق بين زكاة المال وزكاة
الفطر.


الفصل الثاني: في بيان حكمها والحكمة منها:


ويشتمل على ما
يلي:


المبحث الأول: بيان
حكمها.


والمبحث الثاني: بيان الحكمة
منها.


الفصل الثالث: النوع
المصروف.


ويشتمل على ما
يلي:


الفصل الرابع: من هو الصارف وعمن يصرفها.


المبحث الأول: من هو
الصارف.


والمبحث الثاني: عمن
يصرفها.


الفصل الخامس: مصرف
الزكاة.


ويشتمل على ما
يلي:


المبحث
الأول:


الفصل السادس: الواجب
إخراجه:


ويشتمل على ما
يلي:


المبحث الأول: كم الواجب
إخراجه.


المبحث الثاني: نصف صاع من البر يساوي صاعا من
غيره.


المبحث الثالث: بيان مقدار
الصاع.


المبحث الرابع: إخراج زكاة الفطر من
جنسين.


المبحث الخامس: لو كانت الزيادة ما دون
الفرض.


المبحث السادس: إذا لم يكن في بيته طعام وقت
الوجوب.


المبحث السابع: هل للفطرة نصاب
؟.


الفصل السابع: وقت الوجوب ووقت
الإخراج:


ويشتمل على ما
يلي:


الأول: وقت
الوجوب.


الثاني: وقت
الإخراج.


الفصل الثامن: التوكيل في صدقة
الفطر.


أسال الله جل وعلا أن ينفع
بها الكاتب والقارئ، إنه ولي ذلك والقادر
عليه.


كتبه: أبو عمار علي
الحذيفي

أواخر رمضان / 1426
هـ

عدن /
اليمن.



الفصل الأول:

بيان معنى زكاة
الفطر:

الأول: معنى زكاة
الفطر:

زكاة الفطر لها أسماء: منها
زكاة الفطر، وصدقة الفطر وزكاة البدن أو زكاة الرأس أو زكاة الرقبة أي: زكاة
الإنسان، وتسمى أيضًا الفِطرة بكسر الفاء عند بعض الفقهاء، وهذا مشهور وذكره صاحب
"القاموس".


زكاة الفطر تعرّف
باعتبارين:


الأول: باعتبار مفرديها أي: باعتبار
زكاة، وباعتبار كلمة فطر، والثاني: باعتبار التركيب
الإضافي.


أما باعتبار مفرديها، فزكاة
تعني من حيث اللغة النماء والطهر، ومن حيث الشرع تعني إخراج مال مخصوص لطائفة
مخصوصة في وقت مخصوص، والفطر: اسم من أفطر الصائم إفطارا.

وأما باعتبار التركيب
الإضافي، فيراد بها الصدقة عن البدن، وزكاة الفطر في الاصطلاح: "صاع من قوت أهله
يجب بغروب الشمس من آخر يوم من أيام رمضان لطائفة
مخصوصة".


وإضافتها إلى الفطر من إضافة الشيء إلى
سببه لأنه تجب بالفطر من رمضان، وقد أضيفت للفطر
لكونها تجب بالفطر من
رمضان.


قال الحافظ في "الفتح"
(3/367):


(وقال ابن قتيبة: المراد
بصدقة الفطر صدقة النفوس مأخوذة من الفطرة التي هي أصل الخلقة، والأول أظهر ويؤيده
قوله في بعض طرق الحديث كما سيأتي زكاة الفطر من
رمضان).

قلت: ولا مانع أن تكون
للأمرين معا، وقد قال به بعضهم.

قال
الشربيني في "مغني المحتاج" (2/126):

(وقال ابن
الرفعة: بضم الفاء واستغرب، والمعنى أنها وجبت على الخلقة تزكية للنفس وتنمية
لعملها).

الثاني:
الفروق بين زكاة المال وزكاة
الفطر:

وتختلف زكاة الفطر عن زكاة
المال من أوجه:

الأول: أن زكاة المال من
أركان الإسلام، وزكاة الفطر ليست كذلك لأنها من الواجبات
المستقلة.


الثاني: أن زكاة المال
أوجبها الله بسبب المال، وزكاة الفطر بسبب
البدن.


والفصل الثاني:

في بيان حكمها والحكمة
منها:

المبحث الأول: بيان
حكمها:

تجب زكاة الفطر بالسنة
والإجماع.


أما السنة فلعدة أحاديث
منها:


الحديث الأول: حديث ابن عمر:
(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو
صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين) رواه
الشيخان.


والحديث الثاني: حديث أبي
سعيد (كنا نخرج زكاة الفطرة إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من
طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط، فلا أزال
أخرجه كما كنت أخرجه ما عشت) رواه الشيخان.

والحديث
الثالث:
حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلي الله عليه وسلم زكاه
الفطر طهره وللصائم من العفو والرفث وطعمه للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة
مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات). أخرجه أبو داود وابن
ماجه.


وأما الإجماع فقد حكاه غير
واحد منهم: ابن المنذر والنووي والحافظ ابن حجر وزكريا الأنصاري و الخطيب الشربيني
وغيرهم.

قال النووي في "المجموع":
(أجمع العلماء على وجوب صدقة الفطر).

وإنما
قلنا إنها وجبت بالسنة لأنها لم تجب بالقرآن، وأما الاستدلال بقوله تعالى: (قد أفلح
من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) مستدلين بحديث في سبب نزولها وهو ما رواه ابن خزيمة في
"صحيحه" عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل
عن الآية فقال: (نزلت في زكاة الفطر)، فالحديث لا يصح ففيه كثير بن عبد الله وقد
قال عنه الحافظ في "التقريب": (
ضعيف).

والمشهور أنها وجبت في السنة الثانية من
الهجرة عام فرض صوم رمضان.

والمبحث الثاني: بيان الحكمة
منها:

زكاة الفطر فيها مصلحة عظيمة
للغني والفقير:

أما الغني فإنها تطهره من
اللغو والرفث الذي وقع منه في شهر الصوم، فهي في الحقيقة تكميل للنقص وجبر للخلل،
فهي بمنزلة سجود السهو في الصلاة، أو الدم الذي يجبر به النقص في الحج أو العمرة.


قال الشربيني في "مغني
المحتاج" (2/126):


(قال وكيع
بن الجراح: زكاة الفطرة لشهر رمضان كسجدة السهو للصلاة تجبر نقصان الصوم كما يجبر
السجود نقصان الصلاة).


وأما الفقير فإن المصلحة
العائدة عليه منها عظيمة، فإن الفقير يفرح بالعيد لكن فرحته فيه تكون ناقصة لحاجته
وفقره، وفقر أسرته فتأتي زكاة الفطر فتكمل هذا النقص، فتكتمل
فرحته.

فزكاة الفطر فيها تكميل ثواب
الصائم الغني، وتكميل لفرحة الفقير، فلله در هذه الشريعة العظيمة ولله الحمد الذي
أكرمنا بهذه النعمة العظيمة وخصنا بها.




الفصل الثالث:
النوع المصروف:

المبحث الأول: إخراج الصدقة
طعاما:

صحت الأحاديث عن النبي صلى
الله عليه وسلم، وصحت الآثار عن الصحابة بإخراج زكاة الفطر طعاما، وهذا هو الحق لما
ورد من الأدلة الصريحة ومنها:

حديث ابن
عمر
: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر
أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين) رواه
الشيخان.

ومنها حديث أبي سعيد: (كنا
نخرج زكاة الفطرة إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام، أو صاعا
من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط، فلا أزال أخرجه كما كنت
أخرجه ما عشت) رواه الشيخان.


وغير ذلك من
الأحاديث.


المبحث الثاني:

يراعى في الطعام أن يكون من غالب قوت
البلد:

وقد اختلف العلماء في نوع
الطعام الذي يخرج في زكاة الفطر على أقوال للعلماء ترجع كلها إلى
قولين:


الأول: أنه يخرج صدقة الفطر
من الأصناف المنصوص عليها في الأحاديث وهي التمر والزبيب والبر والشعير والأقط: وهو
قول جماعة من العلماء.


والثاني: أنه يخرج صدقة
الفطر من غالب قوت البلد: وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام وهو الصحيح
لأن تحديد نوع الطعام راجع إلى العرف لا إلى الشرع كما ذكر شيخ الإسلام ولذلك قال
تعالى: (من أوسط ما تطعمون أهليكم).

وقولنا:
"القوت" هو كالبر والشعير والأرز ونحوها مما يقتاته الناس، فيخرج به ما يصلح القوت
كالملح والسكر والزيت والبهارات فإنها ليست من القوت وإنما مما يصلح
القوت.

وقولنا: "غالب" يخرج القوت
النادر



المبحث الثالث:

إخراج القيمة المالية عن زكاة
الفطر:

وبعد صحة
الأحاديث فلا ينبغي التعويل على من يخالف هذه الأحاديث، لكننا نذكرها هذه المسألة
هنا ليحيط بها طالب العلم، مسألة إخراج صدقة الفطر مالا، فيها خلاف على
قولين:


الأول: مذهب
جماهير أهل العلم أن من أخرج صدقة الفطر مالا فإنه لا يجزئه:


وهذا مذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي
وأحمد، وسئل الإمام أحمد عن إخراج المال قال: (أخاف أن لا يُجزئه، فقالوا: "إن
الخليفة عمر بن عبد العزيز يرى إخراج المال ؟ فقال: "اتباع السنة أولى"، نقول: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون: "قال فلان يُشير إلى حديث ابن عمر رضي الله
عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - فرض صدقة الفطر).


والقول الثاني:


مذهب أبي حنيفة وهو جواز
إخراج القيمة في صدقة الفطر.


والصواب
أنه لا يشرع إخراج صدقة الفطر مالا
لعدة
أوجه:


أولا: أن السنة دلت على هذا
القول، قال الشافعي: (أجمعوا على أنه إذا استبانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يحل لأحد مخالفتها).


ثانيا:
أن الفقر كان موجودا في العصر النبوي وكان الفقراء أشد
حاجة من فقراء عصرنا فلم يغير النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة من الطعام إلى
المال.


ثالثا: أن إخراج صدقة الفطر
طعام هو نوع من العبادة، وهي تختلف عن إخراج الصدقة مالا، فهذا نوع وهذا نوع، وكل
واحد من هاتين العبادتين مقصود لذاته، وعليه فلا يشرع إدخال عبادة في عبادة ولا
استبدال عبادة بأخرى، ونزيد الأمر توضيحا فنقول: لو أن شخصا نذر أن يطعم طعاما لم
يشرع له أن يوفي النذر بإخراج صدقة المال عن النذر، لأنه لا يصدق عليه أنه وفى
بالنذر ولا أنه قام به على الوجه المشروع.


رابعا: وفي
إخراجها طعاما إحياء لشعيرة صدقة الفطر وإشهارا للعمل بها، بخلاف القيمة فإنها تكون
خفية، يعطيها المزكي بخفية، وقد يأخذها من لا
يستحقها.


خامسا: أن
في إخراجها طعاما سدا للباب على من يحرص على أخذ الأموال ويحرمون منها
الفقراء.


وأما ما احتجوا به فالجواب
عن ذلك كما يلي:


الشبهة
الأولى:

أن كثيرًا من الفقهاء يرون
أنه يخرج من قوت البلد غير المنصوص في الأحاديث كحديث أبي سعيد وحديث ابن عمر رضي
الله عنهما، فإذا جاز أن يُخرج من أي قوت موجود وإن لم ينص الشارع عليه كالأرز فمن
باب أولى أن تُخرج من الدراهم؛ لأنها قد تكون أفضل من القوت لكثير من
الناس.


وأجيب عنها بأن العلة من
صدقة الفطر هي التعبد بالإطعام، سواء حصل بهذا النوع من الطعام أو بالنوع الآخر،
فعلى كل الأحوال قد حصل ما قد رمى إليه الشارع من مصلحة إطعام الفقراء، بخلاف من
أخرجها مالا فإنه خرج عن ظاهر النصوص إلى نوع آخر من العبادات ليس أي صلة بالنوع
الآخر.


الشبهة
الثانية:

وروى ابن أبي شيبة في
"مصنفه" عن عون قال: "سمعت كتاب عمر بن عبد العزيز يُقرأ إلى عدي بالبصرة يؤخذ من
أهل الديوان من أعطياﺗﻬم من كل إنسان نصف درهم). أي: عن صدقة
الفطر.


وروى ابن أبي شيبة عن الحسن
البصري أنه قال: (لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر).


وأجيب عن ذلك بأن الحق في
الدليل لا في الأشخاص، ثم إن من أفتى بوجوب الإطعام هم أكثر ممن أفتى بإخراج
القيمة، والنصوص تؤيدهم.


الشبهة الثالثة:
أن الأمر في
هذه الأشياء ليس تعبديًا محضًا لا يجوز الخروج عنه إلى غيره، وإنما هو أمر يدور مع
المصلحة، أي: أن المقصود من صدقة الفطر منفعة المسلمين ومنفعة الآخذ والباذل أيضا،
ولا شك أن منفعة الآخذ أولى، وإخراج القيمة يحقق مقصد الشرع في التوسعة على
الناس.


وأجيب عن ذلك بأن إخراج صدقة
الفطر طعاما ليس تعبديا محضا" قول غير صحيح ودعوى لا يسلم لها، لأنه قول لا برهان
عليها، والأصل فيما فرض علينا أن يكون للتعبد المحض إلا إذا اشتهرت علته وعرف مقصده
فهنا يلحق بما يشبهه، كما عرفنا أن الإطعام ليس محصورا على الأصناف المذكورة، فليس
الوقوف مع الأصناف الواردة تعبدا محضا لأن مقصد الشارع إطعام الفقراء بما يناسبهم،
لكن الإطعام هو نفسه تعبد مستقل كما تقدم، والأصل أن ما فرض على صورة من التعبد
فتبقى الصورة على ما هي عليه دون تغيير ولا
تبديل.


الشبهة
الرابعة:

أن الفقهاء اختلفوا في إخراج
زكاة المال من العروض أو إخراجها من المال، ومر معنا أن الصواب إذا كانت هناك مصلحة
فإنه يجوز إخراج المال عن العروض فإذا كان هذا في زكاة المال وهي ركن من أركان
الإسلام، وفرض بالاتفاق، ووجوﺑﻬا أظهر وأمرها آكد؛ فأن يكون هذا سائغًا في زكاة
الفطر.


ويجاب عنه بأن هذه مسألة
الانتقال من القيمة إلى العروض أو العكس لم نخرج فيها عن مقصد الشارع، بخلاف إخراج
القيمة عن الطعام فإننا خرجنا عن مقصد الشارع لأن الإطعام عبادة مستقلة تختلف عن
الصدقة بالمال كما تقدم.


ومثل من غير صدقة الفطر من
إطعام المساكين إلى الصدقة المالية كمثل ذلك قصة المفتي مع أحد الملوك، فقد ذكروا
في تاريخ الأندلس أن ملكا وقع على جارية له في نهار رمضان، فاستفتى بعض العلماء
فقال له: "لا كفارة لك في هذا الوطء إلا أن تصوم شهرين متتابعين"، فقال له زملاؤه
من العلماء: "لم أمرته بصيام شهرين؟ والله أمره على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم
بعتق رقبة، فقال: "هذا ملك، ولديه الكثير من الجواري والعبيد، فلو قلت له: أعتق
رقبة، لكان يمكنه أن يجامع في كل يوم في نهار رمضان، ويعتق رقبة"، هكذا قال وفاته
أمران اثنان:


الأمر الأول: أن عتق الرقبة
هو في نفسه مصلحة عظيمة، فإن تحرر الرقاب من الرق وخروجها إلى الحرية مصلحة عظيمة
لا تقاربها ولا تدانيها مصلحة، ولذلك قدمها ربنا سبحانه وتعالى، فإذا كان الله يقول
لنا مثلا: قدموا العتق على غيره فإنه أحب إلي، ثم نقوم نحن ونقدم الصوم فنحن بدلنا
وما امتثلنا.


والأمر الثاني: أن عتق
الرقاب هو نفسه فيه تعزير وتأديب، فإن هذا الملك مهما كان عنده من الجواري والعبيد
فإنه يحرص على زيادة واستكثار الجواري والعبيد وليس حريصا على نقصهم، فمن هنا علمنا
أن عتق الرقبة هو نفسه زجر وتأديب فلا حاجة إلى التصرف والتغيير فالله يحكم لامعقب
لحكمه.


فالإسلام يقول إن أعظم مصلحة
في العيد هي إطعام الطعام وإشباع الجياع، ثم نتصدق عليهم بمال فيخرجونها في ثياب
وأثاث ومتاع وما زال الجوع يضرب ظهورهم بسياطه فما الفائدة
؟!


الشبهة
الخامسة:

قد يكون الفقير أحوج إلى
الدواء من الغذاء.


وأجيب عن ذلك بأن هذا نادر
والعبرة بالغالب لا بالنادر، فأغلبهم إلى الغذاء أحوج منهم إلى الدواء، وعلى فرض
أنه محتاج إلى الدواء فإذا تملك الصدقة فبإمكانه أن يبيعها فهو مال قد
تملكه.


الشبهة
السادسة:

يقول القرضاوي: (ماذا يفعل
مثل أصحاب القاهرة بمثل الأقط والشعير ونحوهما) !!.


ونحن نقول للقرضاوي: ليس من
الضروري أن يخرج المسلم الأقط والشعير ولكن يخرج الأرز والبر وغيرهما، فإذا أخرج
أمثال هذه الأصناف فستكون فرحة الفقراء عظيمة في الأرياف والمدن الإسلامية، لأنهم
يعانون من أزمة الرغيف أكثر من الملابس والأدوية كما يعلم كثير من
الناس.


الشبهة
السابعة:

ما ذكره القرضاوي في "فقه
الزكاة" حيث احتج بأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (أغنوهم – يعني: المساكين - في
هذا اليوم). والإغناء يتحقق بالقيمة كما يتحقق بالطعام وربما كانت القيمة أفضل إذ
كثرة الطعام عند الفقير تحوجه إلي بيعه والقيمة ممكنه من الشراء ما يلزمه والأطعمة
والملابس وسائر الحاجات.


والجواب عن ذلك بأن الحديث
ضعيف قد رواه الدارقطني والبيهقي وطرقه كلها شديدة الضعف، وقد ضعفه جماعة منهم
النووي وابن حجر والألباني وآخرون، وعلى القول بصحته فإن الإغناء يكون بما ذكرته
السنة النبوية والله أعلم.


حكم من أخرج
القيمة:

ومن أخرج القيمة فعليه أن
يخرج زكاة الفطر مرة أخرى طعاما لأن إخراجها مالا لا يجزئه، والله
أعلم.


ولو كنا نعلم من القائلين
بإخراج الزكاة نقدا – في هذا العصر – بأنهم إنما اجتهدوا لعذرناهم مع اعتقادنا أن
قولهم مرجوح لأنه خلاف النص، لكننا نعلم أن أغلب القائلين بإخراج القيمة في هذه
الأيام هم من أصحاب الولاءات الضيقة والشعارات المنحرفة والتي يتوصلون بذلك إلى سحب
الأموال وصرفها في غير مستحقيها وإنفاقها على رؤوسهم وغير ذلك، في الوقت الذي
يتركون فيها الفقراء محتاجين، وإذا أنفقوا على الفقراء فينفقون عليهم ليتوسلوا بذلك
إلى كسب الأصوات والآراء وتعاطف الناس.


الفصل الرابع:

من هو الصارف وعمن يصرفها:

الأول: من هو
الصارف:

ويشترط في من تجب عليه ما
يلي:


الشرط الأول
الإسلام:


فلا تجب على الكافر، بمعنى
أنها لا تصح منه ولا يطالب بها كما تقدم، وليس بمعنى أنه غير مخاطب بها، فالكافر لا
تصح منه لو أداها حال كفره، وهذه عام في كل عبادة يؤديها الكافر كالصلاة والصيام
والحج وغيرها.


وهذا هو مذهب الجمهور أنها لا تجب على
الكافر، وهناك قول للشافعية، وهو الصحيح عندهم أنه يجب على الرجل الكافر أن يؤدي
صدقة الفطر عن أقاربه المسلمين لا عن نفسه، فلو كان كافرًا وأبوه مسلم فقير فقالوا:
في هذه الحالة يجب على الابن الكافر أن يخرجها عن أبيه المسلم الفقير، أو العكس،
والصواب هو القول الأول
لحديث ابن عمر: (فرض رسول الله
صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على
كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين) رواه الشيخان، فظاهر قوله: "من المسلمين"
يدل على أن الكافر لا تجب عليه، ثم إن الحكمة من صدقة الفطر منتفية في حق الكافر
لأنها شرعت طهرة للصائم وهذا ما لا يمكن أن يوجد في
الكافر.


الشرط الثاني أن يكون غنيا والغنى هنا هو توافر
أمرين:


أحدهما: أن يفضل عنده على
حوائجه الأصلية.


وثانيهما: أن يفضل عنده زيادة على قوت
يومه وليلته، وسيأتي بسط هذه المسألة إن شاء الله، فمن لم يكن
قادرا عليها وقت وجوبها فلا تجب عليه، ولكن إذا اقترض وأداها جاز له ذلك،
وأثيب عليها إن شاء الله تعالى.


مسألة:

هل تجب على
الكبير أو المريض مرضا مزمنا الذي لم يصم وإنما أطعم عن نفسه
؟!


ليس من شروط صدقة الفطر أن
يكون المسلم ممن صام رمضان، إذ أن هذا شرط لا دليل عليه من الكتاب ولا من
السنة.


والثاني: عمن
يصرفها:

هل يخرج الرجل زكاة الفطر عن
غيره ؟!


قولان:

الأول:
أنه يخرج عن نفسه فقط:
وهو قول أبي حنيفة ومالك
الشافعي.


والثاني: أنه يخرج عن نفسه
ومن يعول كالزوجة والأولاد وغيرهم: وهذا مذهب
أحمد.


والضابط فيمن يجب عليه أن يصرفها عنهم
أنهم هم الذين يجب عليه نفقتهم،
فكل من وجبت عليه
نفقتهم لزمته إخراج صدقة الفطر عنهم كالأولاد والزوجة والعبيد وغيرهم ممن هو مسئول
عنهم.


وهذا هو الصواب
لأمور:


أولا: أن النبي صلى الله
عليه وسلم فرضها على العبد والعبد لا مال له، فعرفنا أن المقصود هو السيد الذي
يمونه، وفرضها كذلك على الصغير فعرفنا أن المقصود هو الكبير الذي ينفق عليه، إلا
إذا كان يتيما لا ينفق عليه أحد وله مال فتخرج صدقة الفطر من
ماله.


وثانيا: وجاء في حديث ابن
عمر (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد
ممن تمونون) رواه الدارقطني والبيهقي، وقال الدارقطني: (رفعه القاسم وليس بقوي
والصواب موقوف). وقال البيهقي: (إسناده غير قوي) أي: مرفوعا. وقال العلامة
الألباني: (سنده صحيح موقوفا).


وأخرجه
الدارقطني من طريق علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده عن آبائه أن النبي فرض زكاة
الفطر على الصغير والكبير والذكر والأنثى ممن تمونون).


وهذا سند ضعيف ضعفه الحافظ
في "التلخيص" والعلامة الألباني.


ورواه
البيهقى من طريق عن جعفر بن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال:
(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل صغير وكبير حر أو عبد ممن يمونون صاعا من
شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب عن كل إنسان).


ووهو مرسل كما قال البيهقي،
وقال العلامة الألباني: (ورجاله ثقات فإذا ضم إليه الطريق التي قبله مع حديث ابن
عمر أخذ قوة وارتقى إلى درجة الحسن إن شاء الله
تعالى).


وقولنا: (من لزمته فطرة نفسه لزمته فطرة
من تلزمه مؤنته)
يدل على أن المرأة الموظفة في وظيفة
شرعية والتي تنفق على أولادها - وليس لهم ما ينفق عليهم إلا هي – أنه يلزمها أن
تخرج عنهم صدقة الفطر لعموم النصوص.


إخراجها عن
الزوجة:

ذهب جماهير العلماء إلى أن
الرجل يخرج صدقة الفطر عمن يمونه، فيخرجها عن زوجته وعن ولده وعن والده إذا كان
فقيرا تلزمه نفقته، فيخرجها عن كل من تلزمه نفقته من ولد أو والد أو زوجة، وذلك لأن
الفطرة عندهم تابعة للنفقة.


وذهب الحنفية إلى أنه لا
يخرجها عن زوجته إذا كانت موسرة، بل يجب عليها هي أن تخرج عن نفسها.


والصحيح هو القول الأول،
والزوج مكلف بإخراج الصدقة الفطر عن زوجته، لكن هل كل زوجة يجب على زوجها أن يخرج
عنها ؟!


والجواب: أن الزوجة التي
سلمت له وكان يمكن الاستمتاع بها فيجب عليه إخراج صدقة الفطر عنها، ما لم فلا، وهذا
تترتب عليه مسائل:


الأولى: إذا كان الرجل قد
عقد على امرأة ولم يدخل بها، فصدقة الفطر تابعة لوجوب النفقة، فإذا وجبت نفقتها وجب
عليه إخراج صدقة الفطر، وإلا فلا وضابط وجوب النفقة أنها إذا سلمت له وكان تأخير
الدخول من جهته هو فيجب عليه النفقة وبالتالي فيجب عليه إخراج صدقة الفطر، وإن كان
التأخير من جهتها هي فلا تجب عليه النفقة فلا تجب عليه صدقة الفطر، حتى تسلم إليه.


الثانية: المرأة الناشز لا
يجب على زوجها ان يخرج عنها صدقة الفطر لأن سقوط النفقة عنها يعني سقوط صدقة الفطر
عنها.


الثالثة: الصغيرة التي لا
يمكن الاستمتاع بها لا تجب على زوجها صدقة الفطر لأنه لا تجب عليه
النفقة.


والزوجة إذا كانت كتابية فلا يخرج عنها
زكاة الفطر لأنها ليست من المسلمين.


إخراجها عن
الجنين:


أما الجنين فلا تجب على وليه
صدقة الفطر لأمور:


أولا: أن
الأصل في الجنين أنه لا تتعلق به الأحكام الدنيوية إلا الإرث والوصية بشرط خروجه
حيا، ولا سيما
أنه صلى الله عليه وسلم إنما فرضها على
الصغير والكبير وهذا لا يقال عنه صغير ولا كبير.


وثانيا: قد ذكر ابن المنذر
الإجماع على ما ذكرناه.


وثالثا:
نقل عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أﻧﻬا ليست واجبة
عليه.


لكن يستحب إخراجها عنه إذا نفخت فيه الروح، وقد جاء عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يخرجها عنه
وفس سنده مقال، وإن صح فعلى الاستحباب،
وعن أبى قلابة
قال: (كان يعجبهم أن يعطوا زكاة الفطرة عن الصغيرة والكبير، حتى عن الحمل في بطن
أمه).


والفصل الخامس:
مصرف الزكاة:

المبحث
الأول:

صدقة الفطر هي للمساكين
فقط:

والأصناف المستحقة لزكاة الفطر هم
المساكين على الصحيح، وللعلماء في هذه المسألة
قولان:


الأول: أنها تخرج للأصناف
الثمانية، وهذا مذهب الجمهور.


الثاني:
أنها خاصة بالفقراء والمساكين وهو قول الحنابلة: وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية
وتلميذه العلامة ابن القيم، وهذا هو الصواب لأمور:


أولا: لقول ابن عباس: (فرض
رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم وطعمة للمساكين). رواه أبو
داود وابن ماجة والحاكم وغيرهم


وثانيا:
لأنها صدقة على البدن فليس فيها سعاة ولا علاقة لها بالغارمين ولا بغير ذلك، مما
يدل على أن مصرفها ليس هو مصرف زكاة المال، فالأولى أن يقتصر في إخراجها على
الفقراء والمساكين.

قال العلامة ابن القيم في
"زاد المعاد":

(وكان من
هديه صلى الله عليه وسلم تخصيص المساكين بهذه الصدقة، ولم يكن يقسمها على الأصناف
الثمانية قبضة قبضة، ولا أمر بذلك، ولا فعله أحد من أصحابه، ولا من بعدهم، بل أحد
القولين عندنا: أنه لا يجوز إخراجها إلا على المساكين خاصة، وهذا القول أرجح من
القول بوجوب قسمتها على الأصناف الثمانية
).




المبحث
الثاني:

نقل زكاة الفطر إلى بلد
آخر:

اختلف العلماء في نقل زكاة
الفطر من بلد مع حاجة أهله إليها إلى بلد آخر على
قولين:


الأول أن ذلك لا
يشرع:


وهو قول الأئمة الأربعة،
وصدر بذلك قرار من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وسئل الشيخ
العثيمين: (ما حكم نقل زكاة الفطر إلى البلدان البعيدة بحجة وجود الفقراء الكثيرين
؟ فأجاب: (نقل صدقة الفطر إلى بلاد غير بلاد الرجل الذي أخرجها إن كان لحاجة بأن لم
يكن عنده أحد من الفقراء فلا بأس به ، وإن كان لغير حاجة بأن وجد في البلد من
يتقبلها فإنه لا يجوز). "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18 /
سؤال102).


والثاني أن ذلك مشروع: وهذا قول جماعة،
وعليه "فتوى جامعة لعلماء اللجنة الدائمة":


(ويجوز
نقلها إلى فقراء بلد أخرى أهلها أشد حاجة، ويجوز لإمام المسجد ونحوه من ذوي الأمانة
أن يجمعها ويوزعها على الفقراء، على أن تصل إلى مستحقيها قبل صلاة العيد).


"فتاوى اللجنة الدائمة " (9/
369، 370).


والفصل السادس: الواجب إخراجه:

الأول: كم الواجب
إخراجه:

وقدر الفطرة الواجبة على
المسلم وعلى من يمونه هي صاع من الطعام من أي شيء
كان.


والصحيح والأسهل هو القول بإجزاء أي طعام مما يقتاته الناس، وما جاء في الأحاديث من الأصناف
فهي كانت طعامهم في ذلك الوقت، وهذا ما قاله شيخ الإسلام وغيره من المحققين، فقد
قال شيخ الإسلام في "إقامة الدليل":


(وكذلك
أمره بصدقة الفطر بصاع من تمر أو شعير, هو عند أكثر العلماء لكونه كان قوتا للناس,
فأهل كل بلد يخرجون من قوتهم, وإن لم يكن من الأصناف الخمسة, كالذين يقتاتون الرز,
أو الذرة يخرجون من ذلك عند أكثر العلماء, وهو إحدى الروايتين عن
أحمد
) أ.هـ


وقال كما في
"مجموع الفتاوى":

(وعلى هذا يبنى نزاع العلماء في صدقة الفطر:
إذا لم يكن أهل البلد يقتاتون التمر والشعير، فهل يخرجون من قوتهم كالبر والرز، أو
يخرجون من التمر والشعير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرض ذلك فإن في الصحيحين عن
ابن عمر أنه قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من تمر، أو
صاعا من شعير على كل صغير أو كبير ذكر أو أنثى، حر أو عبد، من
المسلمين".


وهذه المسألة فيها قولان للعلماء، وهما
روايتان عن أحمد، وأكثر العلماء على أنه يخرج من قوت بلده، وهذا هو الصحيح كما ذكر
الله ذلك في الكفارة بقوله: "من أوسط ما تطعمون أهليكم"
) أ.هـ


بل يرى العلامة ابن القيم أن
الناس إذا تعارفوا على اقتيات اللحم أو السمك فإنه يخرج من أحدهما، حيث قال في
"إعلام الموقعين":


(وأن كل بلد يخرجون من قوتهم مقدار الصاع،
وهذا أرجح وأقرب إلى قواعد الشرع، وإلا فكيف يكلف من قوتهم السمك مثلا أو الأرز أو
الدخن إلى التمر ؟
).


أقول: وسبب ذلك ما اختاره شيخ الإسلام
كما في "مجموع الفتاوى" (35/349-350) من أن مقادير الأطعمة وأنواعها راجعة إلى
العرف لا إلى الشرع،
حيث قال رحمه الله في آخر المسألة:
(والمنقول عن أكثر الصحابة والتابعين هذا القول
).


وربما تعطي الفقير مثل البر
فيشق عليه أنه يحتاج إلى الذهاب إلى الطحان على مسافة بعيدة كما ذكر الشيخان
الألباني والعثيمين، أو تعطيه الشعير فربما كان لا يعرفه ولم يتعود عليه، فالأسهل
هو إعطاء الفقير مما تعود عليه.


قال الشيخ
ابن عثيمين رحمه الله:


(فالأرز في وقتنا الحاضر قد يكون أنفع من
البر، لأن الأرز لا يحتاج إلى تعب وعناء في طحنه وعجنه وما أشبه
ذلك
).


الثاني: نصف صاع من البر
يساوي صاعا من غيره:

ذهب الحنفية
إلى أن الواجب إخراج صاع من كل صنف إلا البر فيجزئ منه نصف صاع.


وذهب الجمهور من الشافعية
والمالكية وغيرهم إلى عدم التفريق بين البر وغيره، واستدلوا بما يلي:


بحديث أبي سعيد الخدري قال: (كنا نخرج
زكاة الفطر إذا كان فينا رسول الله صلي الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من
شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط فلم نزل مخرجه حتى قدم معاوية
المدينة فتكلم فكان مما كلم الناس إني لأري مدين من سمراء الشام - يعني القمح أي
نصف صاع من الحنطة - تعدل صاعا من تمر، فأخذ الناس
بذلك).


وعن ابن عمر: (أن النبي صلي الله عليه
وسلم فرض صدقة الفطر صاعا من تمر وصاعا من شعير فعدل الناس إلي نصف صاع من بر).
رواه الشيخان.


والصحيح أن الواجب هو الصاع
من كل صنف إلا البر فيجزئ نصف صاع لما يلي:


أولا: صحت
أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك:


1- ما
رواه
الدارقطني وعند الإمام أحمد أن النبي صلي الله
عليه وسلم قال: " أدوا صاعا من بر أو قمح بين اثنين أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير
عن كل حر وعبد وصغير وكبير).


2-
ما روى أبو داود في مراسيله بإسناد صحيح إلى سعيد بن
المسيب - ومراسيله أصح المراسيل عند أهل العلم - قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه
وسلم زكاة الفطر مدين من حنطة) أي نصف صاع فإن الصاع أربعة أمداد، وله شاهد عند
النسائي من حديث ابن عباس، وشاهد ثالث عند الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده، وشاهد رابع من حديث عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله - الشك في الرواية
- في سنن أبي داود، فهذه شواهد تدل على صحة الحديث، فثبت ذلك عن النبي صلى الله
عليه وسلم.


ثانيا: صحت آثار إلى جمع من الصحابة
بذلك
وهو مذهب جمهور الصحابة، ومن
ذلك:


1- فقد
أخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (صدقة الفطر علي
كل مسلم صغير وكبير عبد أو حر مدان من قمح أو صاع من تمر أو
شعير).


2- وأخرج
ابن أبي شيبه بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها
قالت:
(
إني أحب إذا وسع الله علي الناس أن يتموا صاعا من قمح
عن كل إنسان
).


وقد رواه ابن المنذر: عن
عثمان وعلي وابن عباس وأبي هريرة وجابر وعبد الله بن الزبير وأسماء بنت أبي بكر قال
الحافظ ابن حجر: "بأسانيد صحيحة".


قال
الحافظ ابن حجر في "فتح الباري":


(وقال ابن
المنذر أيضا: "لا نعلم في القمح خبرا ثابتا عن النبي صلى الله عليه و سلم يعتمد
عليه ولم يكن البر بالمدينة ذلك الوقت إلا الشيء اليسير منه فلما كثر في زمن
الصحابة رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من شعير وهم الأئمة فغير جائز أن يعدل
عن قولهم إلا إلى قول مثلهم ثم أسند عن عثمان وعلي وأبي هريرة وجابر وبن عباس وبن
الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر بأسانيد صحيحة أنهم رأوا أن في زكاة الفطرة نصف صاع
من قمح" انتهى).


الثالث: بيان مقدار
الصاع:

والصاع:
- الصاع والصواع - بالكسر وبالضم - لغة : مكيال يكال
به، وهو أربعة أمداد
بالإجماع كما ذكرت
"الموسوعية الفقهية
الكويتية".


والمد: هو ملء كفي الرجل
المتوسط المعتدل الخلقة، ثم اختلفوا في تقدير المد على قولين أحدهما: أن المد هو
رطل وثلث رطل بغدادي وهذا قول جماهير أهل
العلم.


واحتجوا بأنه إسناد متواتر يفيد القطع، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(المكيال مكيال أهل المدينة) ولم يثبت لنا
تغييره.


والثاني: أن المد هو ثمانية أرطال وهذا
قول أبي حنيفة
لأن أنس بن مالك قال : (كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد - وهو رطلان - ويغتسل بالصاع). وأجيب عنه بأن حديث
أنس هذا انفرد به موسى بن نصر، وهو ضعيف الحديث كما قال الدارقطني، وذكر الطحاوي له
شاهدا في "شرح معاني الآثار" إلا أن فيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو متهم بسرقة
الحديث" وشيخه شريك بن عبد الله النخعي ضعيف.


والقول
بأن المد رطلان هو القول القديم لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة،
فقد روي أن أبا يوسف دخل المدينة، فسألهم عن الصاع ؟ فقالوا: خمسة أرطال
وثلث، فطالبهم بالحجة فقالوا: غدا، فجاء من الغد سبعون شيخا، كل واحد منهم آخذ صاعا
تحت ردائه، فقال: صاعي ورثته عن أبي، وورثه أبي عن جدي، حتى انتهوا به إلى النبي
صلى الله عليه وسلم، فرجع أبو يوسف عن
قوله".


قال ابن عبد البر في
"التمهيد":


(والوسق:
ستون صاعا بإجماع من العلماء بصاع النبي صلى الله عليه وسلم والصاع أربعة أمداد
بمده صلى الله عليه وسلم ومده زنته رطل وثلث وزيادة شيء، هذا قول عامة العلماء
بالحجاز والعراق
).


وقال
الداودي:
معياره الذي لا يختلف أربع حفنات بكفي الرجل
الذي ليس بعظيم الكفين ولا صغيرهما
. "سبل
السلام".


والراجح هو القول الأول لأن هذا التحديد
تواتر عن أهل المدينة والكيل كيلهم فهم المعتبرون في هذا الباب كما في
حديث
ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(المكيال مكيال أهل المدينة والوزن وزن أهل مكة). رواه أبو داود والنسائي وسنده
صحيح.


وقد قدر العلماء الصاع بهذا
التقدير بالكيلو ونحوه من الموزونات من باب التقريب وحفظ الأوزان وإن كان الأصل هو
الكيل، وذلك لأمر مهم وهو أن المكاييل لا تحفظ كما تحفظ الأوزان ومما يدل على ذلك
أن القمح يعتبر من المكيلات ولكنه في هذا العصر أصبح من الموزونات وذلك لتعرض الكيل
إلى التغير والاندراس، ولذلك قال ابن قدامة في "المغني":


(وقد دللنا
على أن الصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي فيما مضى والأصل فيه الكيل، وإنما قدره
العلماء بالوزن ليحفظ وينقل، وقد روى جماعة عن أحمد، أنه قال: الصاع وزنته فوجدته
خمسة أرطال وثلثا حنطة
)
أ.هـ


وذكر صاحب "الروض المربع" مثل
ذلك.


أقول:


ولذلك قدر العلماء القلتين بالأرطال
العراقي
ة كما فعل ابن قدامة في "عمدة الفقه" وغيره من
الفقهاء، وكذلك قدروا المد النبوي في باب اغتساله صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عنه
أنه كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، وكذلك تقدير الأوسق في باب الزكاة وغيرها من
التقديرات، كل هذا تقريب للناس، فليس لهم وسيلة للوصول إلى هذا الكيل الصحيح أو
غيره إلا بهذا الأمر، ومن هذا الباب تقدير دنانير الذهب ودراهم الفضة بالجرامات
العصرية كل هذا تقدير وتقريب، ولذلك هم يختلفون فيها اختلافا يسيرا لا يكاد يعول
عليه فمنهم من يقول 85 جرام، وآخرون يقولون هي دون ذلك وآخرون يقولون: هي فوق ذلك،
والشرع يعفو عن الاختلاف اليسير بعد الاجتهاد والتحري فالشريعة أعظم من أن تكلف
العباد بأمور يسيرة لا قدرة لهم على تلافيها.


وقد بحثت
هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية مقدار الصاع بالكيلو جرام وكان
بحثها معتمدا على أن صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد، وأن المد ملء
كفي الرجل المعتدل، وكان منها تحقيق عن مقدار ملء كفي الرجل المعتدل، وتوصل هذا
التحقيق إلى أن مقدار ذلك قرابة 650 جراما للمد، فيكون مقدار الصاع 2600
جرام.


لا فرق بين صاع الطعام وصاع
الماء:


قال شيخ الإسلام في "القواعد النورنية":
(
وأما مقدار الصاع والمد ففيه ثلاثة
أقوال:


أحدها: أن الصاع خمسة أرطال
وثلث والمد ربعه وهذا قول أهل الحجاز في الأطعمة والمياه وقصة مالك مع أبي يوسف فيه
مشهورة وهو قول الشافعي وكثير من أصحاب أحمد أو
أكثرهم


والثاني: أنه ثمانية أرطال
والمد ربعه وهو قول أهل العراق في الجميع.


والقول
الثالث: أن صاع الطعام خمسة أرطال وثلث وصاع الطهارة ثمانية أرطال كما جاء بكل واحد
منهما الأثر فصاع الزكوات والكفارات وصدقة الفطر هو ثلثا صاع الغسل والوضوء وهذا
قول طائفة من أصحاب أحمد وغيرهم ممن جمع بين الأخبار المأثورة في هذا الباب لمن
تأمل الأخبار الواردة في ذلك
)
أ.هـ


وشيخ الإسلام يرى أنه صاع واحد حيث قال
كما في "مجموع الفتاوى" (21/54-55): (
والجمهور على أن
الصاع والمد في الطعام والماء واحد وهو أظهر وهذا مبسوط في موضعه
).


وهذا هو الصحيح، فصاع الزكوات والكفارات والنفقات وصدقة الفطر والضمانات – كصاع المصراة -
وصاع الوضوء كلها واحد لا فرق بينها،
وأما احتجاجهم على
التفريق بين صاع الطعام وصاع الماء باختلاف الوزن من وضع الطعام إلى وضع الماء،
فالجواب من وجهين:


الأول: أن المكيل نفسه يختلف
من شيء إلى آخر، فصاع البر غير صاع التمر وصاع الشعير
وهكذا.


والثاني: أن الماء يتخلل
بخلاف الطعام فإنه يتبقى فراغات في داخله ف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المختصر في زكاة الفطر كتبه الشيخ الفاضل أبي عمار علي الحذيفي حفظه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أحكام زكاة الفطر للشيخ رسلان حفظه الله مقال
»  الديمقراطية : حقيقتها و صورها و آثارها :: للشيخ الفاضل أبي عمار علي بن حسين الشرفي الحذيفي العدني حفظه الله
» [مطوية] زكاة الفطر و مقاديرها [تم وزنها بحضور الشيخ العلامة محمد بن علي فركوس حفظه الله تعالى]
» بيان في حكم سرقة الكهرباء) كتبه الشيخ سعد بن فتحي الزعتري حفظه الله
» هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقودًا؟ / فضيلة الشيخ العلَّأمة عبد الرزاق عفيفي رحمه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات عين بسام التربوية  :: إسلاميات :: المنبر الإسلامي-
انتقل الى: